دبي ذاهبة نحو طريق خطير جدا , اذا ولا مرة جئت لدبي في حياتك صدقني مباشرة بعدما تضع قدمك في المطار ستدمر الانطباع الذي لديك عن دبي , من يعيش في باريس يحس وكأنه في زيمبابوي أو الغابون أو افريقيا الوسطى بسبب أن اغلبية الناس الذين ستراهم طوال اليوم هم المهاجرين الافارقة سود البشرة في كل مكان , وقالها ترامب في احد خطاباته باريس لم تعد باريس , وهذه هي الحقيقة لم أكن اتخيلها كما قيل لي حتى كنت هناك شخصيا , الان اذا كانت باريس تحولت لمدينة افريقية فان دبي متجهة لان تتحول لمومباي الهندية
لكن دعوني أحكي لكم قصة قبل أن أدخل لكم في صلب الموضوع وصلب المشكلة
سنغافورة تعرفونها دولة صغيرة جدا في اسيا ذات أغلبية صينية وهي من بين اغنى الدول في العالم , كانت في الماضي جزء من دولة ماليزيا ذات اغلبية سكان مسلمين , المميز في ماليزيا انها دولة استراتيجية جغرافيا , مكانها كان حساس ومهم للتجارة العالمية , ولهذا السبب وضعتها بريطانيا نصب عينيها واحتلتها سنة 1786 وبقيت فيها أكثر من 350 سنة , لكن لم يكن احتلال بريطانيا سهل لم يكن المالاي لقمة سائغة كانو يقاومون بكل قوة المحتل البريطاني ,
كان سكان ماليزيا اغلبيتهم يعلمون في الزراعة أو التجارة ، وكان شعب الملايا نوعا ما شعب كسول لا يحب القيام بالاعمال القذرة والصعبة كالعمل في زراعة وصناعة المطاط وبناء الجسور و ترصيف الطرق وكل انواع الاعمال المتعبة كانو يتجنبونها ، فتم استقدام عمالة من الخارج لكي تقوم بهذه المهما هذه العمالة هم صينيين وهنود . فما حصل أنه بشكل متازيد بدأت تتدفق العمالة الصينينة لماليزيا وتحديدا في سنغافورة ، اصبح الصينيون المهاجرون يتفوقون في الدراسة و الأعمال الحرة والتجارة والصناعة والزراعة . حتى اصبح الصينيون هم الاكثرية والمالاي هم الاقلية ، تطور الامر الى ان اصبح المهاجرون الصينيون والهنود ينافسون المواطنين الاصليين في المناصب الادارية والحساسة في الاقتصاد وحتى في المدارس والجامعات ، احس صناع القرار في ماليويا بهذا الخطر ، كون المهاجرين اصبحو ينافسون في كل شيء وربما قد يطالبون بالحكم يوما ما كونهم الاغلبية ،
قررت السلطة في ماليزيا تطبيق الاتي تحسبا لاي خطر : الصينيون خبراء في التجارة والاعمال . خليهم في مجالهم ونحن سنأخذ منهم الضرائب للإنفاق على الحكومة . أما المواطنين الاصليين الماليزين سنضهم في المناصب الحساسة كالعمل في دوائر الحكومة والشرطة والجيش . وبهذا تكون المعادلة السلطة للماليزيين المسلمين، والتجارة للصينين و الهنود
بريطانيا في ذلك الوقت كانت تلاحظ هذ التحول , وبسبب أن البريطانيين جراحين مهرة في السياسة , قررو أنهم تحت وطأة المقاومة سينسحبون من ماليزيا وفعلا استقلت سنة 1957 ، ولكن يقال أن المحتل لا يخرج ابدا خاسرا , ارادت بريطانيا أن تخرج ولكن أن تبقي على موطئ قدم في المنطقة بكاملها ، ففكرت في خطة خبيثة ، وهي أن تشجع هجرة الصينيين الى سنغافورة كالضفادع في موسم الامطار , وبعدها ستقوم بتهيج الصينيين في سنغافورة على طلب تقرير المصير الاستقلال عن ماليزيا بناء على بند موجود لدى الامم المتحدة وهو تقرير مصير الشعوب والذي يكفله القانون الدولي . وهذا فعلا ما حدث استقلت سنغافورة في 9 غشت 1965, وحكمها المهاجرون الذين كانو في يوم من الايام اقلية من العمال
الان لصلب الموضوع ، ما يظهر على الخريطة الجغرافية لكل من الكويت والامارات ودبي تحديدا ، أنهما يمشيان في هذا الطريق ، فاثناء زيارتي الاولى لدبي صدمت , وأنا أمشي في الشارع أحست بنفسي في مومباي الهندية . في الميترو في الشارع في الاسواق في المولات , حتى أنني ذهبت للجامعة مع صديقي واكتشف أن اغلبية الطلاب هنود وبنغلاديشيين ، لا يوجد أماراتي يعمل كسواق تاكسي او حلاق او ميكانيكي او بائع ، أينما وليت وجهي لا أرى الا الهنود ولا أسمع الى اللغة الهندية حتى انني اشتقت لسماع اللغة العربية , والشيء الثاني بصراحة هو فيديو للدكتور والمفكر الكويتي الكبير عبد الله النفيسي
الان تخيل معي أن هذا الفيديو تم نشره على اليوتيوب قبل 12 سنة من الان , والارقام التي طرحها النفيسي في هذا الفيديو قد تغيرت بشكل كبير جدا ، والمسألة ليست هينة اطلاقا ، لو ارادت الدول التي لها مصالح في الخليج العربي تأليب العمالة الاغلبية على المواطنين الاصليين الاقلية والمطالبة بالمشاركة في الحكم فلن يصعب عليهم الامر ، فالامم المتحدة في نظري ما هي الا ذراع القوى العظمى وتحديدا امريكا وبريطانيا ، نفس الامم المتحدة التي لم تفعل شيئا بعدما احتلت امريكا وبريطانيا العراق ونفس الامم المتحدة الان التي تتحرك بكل قوتها للدفاع عن اكرانيا من الغزو الروسي
وبحسب البيانات ، يشكل الإماراتيون الان 11.48٪ من مجموع السكان ككل . يتصدر قائمة المغتربين في دولة الإمارات العربية المتحدة الهنود ، حيث يبلغ عدد سكانها 2.623 مليون نسمة ، أي ما يمثل 27.5٪ من السكان . يليهم الباكستانيون البالغ عددهم 1.211 مليون ويشكلون 12.7٪ من نسبة سكان الإمارات . بقية النسبة تشمل دول من قبيل بنغلاديش وإيران والفلبين ومصر ونيبال وسريلانكا والصين ودول أخرى . في حين أن الكويت نوعا ما أحسن حالا من دبي حيث يشكل المهاجرون حوالي 60٪ من إجمالي سكان الكويت ، ويشكل الكويتيون ما بين 38٪ – 42٪ من إجمالي السكان. وهنا قد تتحول دبي الى سنغافورة جديدة أو جنوب سودان جديد .
هذه المقالة هي سكريبت لحلقة على قناتي في اليوتيوب , يمكنك مشاهدة الحلقة :