قبل 34 سنة بالضبط في ليلة 2 غشت 1990 على الساعة 2 صباحا ، وتحت جنح الظلام بينما الكل نيام , أمر صدام حسين باجتاح الكويت ، لكن أمام 100 ألف جندي عراقي و300 دبابة وفي غضون ستة ايام فقط كانت الكويت قد احتلت بالكامل , فرت العائلة الحاكمة إلى السعودية , مباشرة بعد الغزو، أنشأ العراق حكومة عميلة عُرفت باسم “جمهورية الكويت” لحكم الكويت وبفترة قصيرة أعلن صدام حسين ضم الكويت “الكامل وعلى نحو لا رجعة فيه” الى العراق . وفي نهاية الشهر ذاته، أعلن التقسيم الإداري للكويت لتتحول الى المحافظة 19 للعراق . استمرّ الغزو العراقي للكويت سبعة أشهر، مخلفًا مئات القتلى والأسرى , وتحول العراق من بلد غني الى بلد على عاتقه مليارات الديون , لكن في ضل الفرح والنشوة التي انتعش بها صدام حسين رغم كل التحذيرات , لم يكن يعلم أنه بهذه الخطوة يخيط حبل المشنقة التي ستلتف حول رقبته مستقبلا بيديه , وسيكون هذا الغزو لبلد عربي صغير الذي اعتبره صدام حسين شيئا بسيطا ويمكن التحكم فيه بسرعة السبب في نشوء حرب ستغير وجه العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا
في سبتمبر 1980 نشبت حرب بين عملاقين عسكريين ايران والعراق , كل سلاح محرم دوليا في العالم كان بالنسبة لهما حلال بلال , الاسلحة الكيميائية الجرثومية والقنابل العنقودية والحارقة وكل ما يخطر على بالك انتهت الحرب في غشت 1988 وبعد انقشاع الدخان بدأت اثار الدمار والقتلى والمفقودين بالظهور , خلفت الحرب أكثر من مليون قتيل ومليوني جريح والمئات ان لم يكونو الالاف مازالو مفقودين الى اليوم 157 بلدة إيرانية دمرت عن بكرة ابيها، في حين محيت حوالي 1,500 بلدة عن الخارطة اما أضرار اقتصادية تقول بعض المصادر أنها بلغت 350 مليار دولار , وهذه النقطة بالتحديد كانت فتيل لحرب ستغير وجه العالم
الهجرة الى كندا : أهم عيوب الهجرة الى كندا
قرار غزو الكويت لم يكن بمحض الصدفة او نابع من طموح توسعي مسبق ، ولكن له اسباب سياسية واقتصادية عميقة وعلى رأسها الحرب العراقية الايرانية التي حولت بلد غني كالعراق الى بلد مفلس بعد حرب ضروس استمرت 8 سنوات , في تلك الفترة التزمت الكويت الحياد في البداية بل وحاولت التوسط . وعام 1982 قررت اتخاذ موقف ، بجانب دول عربية أخرى في الخليج العربي قامت الكويت بدءا من 1982 الى غاية 1983 بإرسال قروض مالية كبيرة إلى العراق , بعد انتهاء الحرب وتضميد الجروح الخفيفة بدأت الجروح الخطيرة والكسور بالضهور , كان الاقتصاد العراقي في الحضيض بسبب الديون المتراكمة عليه ، اغلب تلك الديون من دول الخليج عموما والكويت تحديدا والتي بلغت في مجملها 49 مليار دولار ,
حاول صدام حسين بالطرق الدبلوماسية وعلى مدار سنين إقناع الكويت التي ساعدته ماديا في عز الحرب أن تعفي العراق من الديون التي بلغت أكثر من 14 مليار دولار أمريكي بحجة أن العراق بصريح العبارة ما في فلوس ، كون العراق لم يكن يحارب دفاعا عن نفسه فقط وإنما كان يخوض حربا بالوكالة ، و كانت الحرب ضرورية لصد التوسع الايراني للجول العربية الذي كان يعلنه المقبور الخميني بكل صراحة وامام الاعلام ، و لولا الحرب التي خاضها العراق لهيمنت إيران على الكويت ، لكن واضح أن حجة صدام لم تكن مقنعة , ففي أواخر 1989، عُقدت عدة اجتماعات رسمية بين القادة الكويتيين والعراقيين ، لكن انتهت الى لا شيء
لم يكن طلب المساعدة المالية من الكويت هو السبب الرئيسي الوحيد للحرب بل كان هناك سبب اخر بنفس الاهمية والخطورة ، فبالاضافة للديون المتراكمة عليه بسبب الحرب الايرانية والتي استنزفت الاخضر واليابس رغم ذلك العراق دولة نفطية أي بمعنى اخر رغم أن عليه ديون ألا أن النظام يمتلك مصادر دخل تساعده على تسديد تلك الديون ، نعم ولكن ، القانون الازلي للاقتصاد هو كل ما ارتفع العرض قل السعر وفي قانون البترول ، كلما زاد الانتاج قل سعر
كانت منظمة اوبك في ذلك الوقت تنتج البترول بكشل كببير وتضخه في السوق ، وبالتالي سعر البرميل سيكون منخفض والربح سيكون قليل فاذا انخفض دولار واحد في سعر البرميل هذا يعني مليون برميل أي انتاج يوم واحد ستخسر فيه مليون دولار ، من هذا المنطلق طلب النظام العراقي من منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) خفض إنتاج النفط ومن ثمَّ رفع الأسعار لمساعدة العراق على زيادة عائداته وسداد ديونه البالغة 60 مليار دولار أمريكي ، يعني بالدراجة خلوني نخدم وندخل فلوس باش نخلص كريدي ديالكم , حيث اتهم كل من السعودية والكويت بطرح كميات هائلة من النفط في الاسواق العالمية بضغط من الولايات المتحدة, وبالتالي انخفاض كبير في اسعار النفط , غير أن الامر الذي اثار حفيضة صدام حسين هو أنه سنة عام 1989، طلبت الكويت من أوبك زيادة سقف إنتاج النفط الإجمالي في البلاد بنسبة 50٪ إلى 1.35 مليون برميل يوميًا وبالتالي كان إنتاج النفط الكويتي أعلى بكثير من حصتها الإلزامية في أوبك
وزير الخارجية العراقي السابق طارق عزيز قال ، “كل انخفاض بمقدار دولار في سعر برميل النفط تسبب في انخفاض قدره مليار دولار في عائدات العراق السنوية مما أدى إلى أزمة مالية حادة في بغداد” فتم اعتبار هذه الخطوة طعنة في الظهر و عمل عدواني من الكويت .
وعلى ما كان يبدوا كل المؤشرات كانت تدل على أن حرب قادمة لا محالة فالاضافة للسبب الاول والثاني انضاف للقائمة سبب ثالث ويمكن اعتباره القشة التي أفاضت الكأس , وهو النزاع على حقل الرميلة
مراجعة فيلم نتفلكس المثير” Vanished Into the Night “
النزاع حول هذا الحقل بدأ عام 1960 عندما حدد إعلان جامعة الدول العربية الحدود بين العراق والكويت على بعد 3 كيلومترات شمال أقصى الطرف الجنوبي لحقل الرميلة . غير أنه و أثناء الحرب العراقية الإيرانية ، انخفضت عمليات حفر النفط من الجانب العراقي في الرميلة في حين زادت عمليات حفر الكويت . في عام 1989، اتهم العراق الكويت بسرقة النفط العراقي من خلال تقنية متقدمة تسمى الحفر المائل عبر الحدود . قدر العراق أن الكويت سرقت ما قيمته 2.4 مليار دولار أمريكي من النفط العراقي وبالتالي طالب الكويت بالتعويضات . غير أن عمال النفط في المنطقة ، صرحوا بأن ادعاء العراق كان مجرد كذب ، بدليل أن النفط يتدفق بسهولة من حقل الرميلة دون الحاجة إلى هذه التقنيات” رفض العراق هذه التبريرات واعتبر كل هذه المواقف الصادرة “من الكويت “ تصرُّفات عدوانية”
طفت كل هذه الاحداث على السطح وتلقفتها الولايات المتحدة الامريكية وتعاملت معها بجدية , في أوائل يوليو 1990، قامت الولايات المتحدة بمناورات في الخليج لتحذير العراق من القيام بأي عمل عسكري ضد الإمارات العربية المتحدة والكويت وفي نفس الوقت انتهجت سياسة تصالحية وهادئة نسبيا مع نظام صدام حسين . كان الرئيس الامريكي جورج بوش الأب يعمل بساسة الكعكة والمطرقة فهو من جانب يظهر لصدام حسين عين الغضب يعني لو فكرت فيها فخيارنا لك المطرقة , واذا هداك الله فلك بالكعكة أي لن نمسك
في 12 أبريل 1990، أرسلت أمريكا وفدا من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بقيادة السيناتور روبرت دول للقاء صدام وهو يحمل رسالة من البيت الأبيض مضمونها أن الولايات المتحدة تريد تحسين العلاقات مع العراق .
في 25 يوليو سلمت السفيرة الأميركية في العراق أبريل جلاسبي رسالة من الرئيس بوش إلى صدام حسين شخصيا وقالت السفيرة للرئيس صدام بأن امريكا في حال وقوع نزاع بين العراق والكويت فلن تتدخل في الموضوع كونها لا تملك اتفاقيات دفاع لا مع العراق ولا مع الكويت ,
كان هذا التصريح خطير جدا رغم أنه في ظاهره بسيط وعادي جدا , لكن بالنسبة لصدام حسين كان هذا التصريح بمثابة الضوء الاخضر من امريكا لبداية الغزو أو هكذا تم تفسيره ,
في الموالي 26 يوليو 1990 ، قبل أيام قليلة من الغزو العراقي ، وكخطوة لتسوية اشكالية النفط بين الكويت والعراق قال مسؤولون في أوبك إن كل من الكويت والإمارات العربية المتحدة وافقتا على الحد من الانتاج النفطي لـ 1.5 مليون برميل بمعدل انخفاض 2 مليون برميل يوميًا لكل منهما . غير أن الحقيقة التي كانت ربما مخفية عنهم أو ربما استشعروها من خلال المعلموات الاستخباراتية أن العراق كان قد اتخذ قرار الغزو منذ شهور وكذلك كان
ليلة الغدر , في 2 غشت 1990، وتحت جنح الظلام , الساعة 2:00 صباحًا ، وبينما الكل غارق في نومه أمر صدام حسين الجيش العراقي بغزو للكويت بأربع فرق النخبة من الحرس الجمهوري العراقي وهي (فرقة حمورابي المدرعة الأولى، وفرقة المدينة المنورة المدرعة الثانية، وفرقة آلية توكلنا على الله وفرقة مشاة آلية نبوخذ نصر الرابعة ووحدات من القوات الخاصة . الهجوم الرئيسي تم تنفيذه من قبل قوات الكوماندوز المنتشرة بطائرات هليكوبتر وقوارب والهدف مدينة الكويت ، في حين بقية الفرق الأخرى استهدفت المطارات وقاعدتين جويتين واستولت عليهم .
نشر الجيش العراقي سرباً من طائرات الهليكوبتر الهجومية لدعم تقدم القوات الخاصة وحماية الاليات والقوات البرية على الارض . في حين قصفت الطائرات العراقية أهدافاً محددة مسبقا في العاصمة الكويت كما قامت القوات الخاصة العراقية بتأمين جزيرتي وربة وبوبيان المتنازع عليهما . كان هذا الهجوم مفاجئ وأخذ الجيش الكويتي على حين غرة فلم يكن مستعدا ولا متأهبا , وبالتالي كانت الغلبة للجيش العراقي الذي كانت يكتسح المدن والقرى الكويتية بدون مقاومة ولم يأخذ الامر منه سوى بضع ساعات حتى استطاع كسر الدفاعات الكويتية والسيطرة الشبه التامة على البلد
وجوه المريخ : قصة صور غريبة التقطها ناسا على سطح المريخ
مباشرة بعد الغزو، أنشأ العراق حكومة عميلة عُرفت باسم “جمهورية الكويت” لحكم الكويت وبفترة قصيرة أعلن صدام حسين ضم الكويت “الكامل وعلى نحو لا رجعة فيه” الى العراق . وفي نهاية الشهر ذاته 28 غشت ، أعلن التقسيم الإداري للكويت لتتحول الى المحافظة 19 للعراق . وهرب أفراد من العائلة المالكة الكويتية إلى المملكة العربية السعودية تاركين ورائهم فوضى سوداء , ومن هناك ناشدوا المجتمع الدولي التحرك العاجل .
كان الراي العام العربي والعالمي في صدمة وذهول , خصوصا أن الغزو بدأ في ساعت الصباح الاولى حيث كان معظم الرؤساء والملوك والناس العاديين يغطون في نوم عميق حتى القنوات التلفزية لم تكن تشتغل , وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت على علم بتهديدات صدام حسين للكويت ، إلا أنها لم تتوقع الغزو العسكري فعليا , او هكذا قيل
على وقع الصدمة كانت الإدانة الدولية للغزو العراقي للكويت واسعة وتقريبا متفق عليها وفي تحرك لكبح جماح صدام حسين فرض مجلس الأمن حظراً وعقوبات اقتصادية خانقة على العراق
أصدر القرار 660 الذي طالب العراق بالانسحاب الفوري وغير المشروط، والقرار 661 الذي فرض عقوبات اقتصادية، والقرار 663 الذي أعلن ضم الكويت لاغياً وباطلا.
لم تكن هذه القرارات كافية لدفع صدام حسين للتراجع ورفض الانسحاب وبدأ في نهب ثروات الكويت البترولية وتدمير بنيتها التحتية. وعليه في غضون أيام وافقت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية على نشر قوات أميركية في المملكة لحماية شبه الجزيرة . وفي الوقت نفسه ، أصرت الولايات المتحدة والتحالف على انسحاب العراق غير المشروط من الكويت ، لكن صدام حسين رفض الامر من جديد
وبحلول 30 أكتوبر ، قررت أمريكا على يد إدارة بوش طرد العراق من الكويت بالقوة فتقدمت بطلب لأمم المتحدة للحصول على إذن ذلك . والنتيجة قرار الأمم المتحدة 678 ، الذي سمح باستخدام القوة لإجبار العراق على الانسحاب. ، غير أنها منحت العراق مهلة خمسة وأربعين يوماً للانسحاب . ومع انقضاء المهلة ، هاجمت قوات التحالف المكونة من أربع وثلاثين دولة العراق بغارات جوية . وفي غضون أربع وعشرين ساعة ، دمرت مئات الدبابات والعربات والاليات وتوفي المئات من الجنود العراقيين ,
قصف قوات التحالف مواقع حساسة مثل مرافق القيادة والسيطرة العراقية ، وقصور صدام حسين ، ومقر حزب البعث ، ومحطات الطاقة، ومرافق الاستخبارات والأمن ، ومحطات الطاقة الكهرومائية ، ومصافي النفط ، والمجمعات الصناعية العسكرية ، ومرافق الصواريخ العراقية . ثم نتقل الهجوم بعد ذلك من الداخل العراقي الى القوات الموجودة في داخل الكويت
حادثة هاكودا | كيف تجمد 199 جندي ياباني حتى الموت
ورد فعل شن صدام حسين هجمات صاروخية على إسرائيل قدرت ب 49 صارخ سكود حول من خلالها بعض المدن الاسرائيلية الى مدن اشباح فارغة استهدفت بلغت الخدمات وعلى قواعد قوات التحالف المتمركزة في المملكة العربية السعودية . الصادم ان إسرائيل لم ترد رغم انها كانت الفرصة السانحة المثالية لها ، في 24 من فبراير شنت قوات التحالف هجوماً بري شرس استمر أربعة أيام .
تم تحريرت مدينة الكويت ودفعت القوات العراقية إلى التراجع . وقبل صدام حسين قرار مجلس الامن رقم 686 بوقف اطلاق النار في الثاني من مارس 1990 مع اجباره على دفع تعويضات عن أضرار الحرب وإعادة كل الممتلكات المسروقة من الكويت .
أكثر ما صدم الرأي العام العربي والعالمي هو أنه رغم كل التهديدات والرسائل العراقية المباشرة والغير مباشرة بأن شيئا ما سيحدث الا أن الكويت كانت نائمة في العسل و لم تكن في حالة تأهب لقواتها،
ولم تجهز دفاعاتها , لم يفعلو أي شيء حرفيا , بل ما يصدم أكثر هو أنه وقبل الغزو بايام ارسلت ايران عبر سفيرها رسالة سرية وعاجلة , كانت الرسالة تحمل في مضمونها كما تكشف من بعد معلومات استخباراتية خطيرة جمعتها المخابرات الايرانية تفيد بأن الجيش العراقي يقوم بتحريك ارتال عسكرية باتجاه الكويت , غير أن السلطات الكويتية لم تعر الامر أي اهتمام
لم تقف أمريكا عند ايقاف صدام واعادة جيشه لثكناته في العراق بل استمرت في الضغط من خلال الأمم المتحدة لضمان استمرار الحظر التجاري ، وتجريد العراق من الأسلحة الكيماوية والصواريخ وقدراته البحثية النووية . وتم انشاء لجنة الأمم المتحدة الخاصة لتفتيش العراق وترسانته الكيماوية والبيولوجية من خلال القرار الاممي رقم 687
كان الغزو العراقي للكويت والتبعات التي خلفها ما هو سوى بداية لحرب ستغير واقع ما يسمى بالشرق الاوسط بل وسينتقل تأثيرها الى كل دولة ان لم نقل الى كل بيت في هذا العالم وهي الغزو الامريكي للعراق واسقاط صدام حسين التي اعترف غالبية سياسيي وقادة العالم بما فيهم دونالد ترامب أن كان خطأ قاتلا ما كان يجب أن يحدث
مقالة أخرى أخطر الهاكرز على الإطلاق: أسياد العالم السفلي الرقمي