يُعتبر جيفري دامر، المعروف باسم “آكل لحوم البشر في ميلووكي” أو “وحش ميلووكي”، أحد أشهر القتلة المتسلسلين في التاريخ الأمريكي. كانت جرائمه وحشية لدرجة لا تُصدق—وتضمنت القتل، والتمثيل بالجثث، والتشويه، وأكل لحوم البشر—مما صدم العالم وأجبر أجهزة إنفاذ القانون على إعادة النظر في كيفية تعاملها مع حالات الأشخاص المفقودين، خاصةً أولئك المنتمين لمجتمعات مهمشة. قصة دامر ليست مجرد حكاية رعب، بل هي أيضاً دراسة مروعة للإخفاقات النظامية، والانحراف النفسي، والجانب المظلم من الطبيعة البشرية.
الجريمة الأولى: بداية مروعة

كان الضحية الأولى لدامر هو ستيفن هيكس، شاب في الثامنة عشرة من عمره كان يطلب توصيلاً بالسيارة، حيث التقى به دامر في يونيو 1978. بعد أن دعاه إلى منزل والديه في مدينة باث بولاية أوهايو، ضربه دامر حتى الموت بقضيب حديدي عندما حاول هيكس المغادرة. ثم قام بتشريح الجثة، ودفن بعض الأجزاء في الفناء الخلفي بينما حلّل أخرى بحمض.
مثلت هذه الجريمة بداية سلسلة جرائم دامر، لكنه لم يرتكب جريمة أخرى إلا بعد عقد من الزمن تقريباً. خلال هذه الفترة، ازداد إدمانه للكحول، وترك جامعة ولاية أوهايو، ثم طُرِد من الجيش عام 1981 بعدما جعله الإفراط في الشرب غير لائق للخدمة.
جرائم ميلووكي: الانحدار إلى فظاعة لا تُتصور

بحلول عام 1987، انتقل دامر إلى ميلووكي بولاية ويسكونسن، حيث تحول قتله إلى كابوس حقيقي. كانت طريقته في القتل منظمةً بشكل مروع: كان يجذب الشبان—غالباً من السود أو المثليين أو المهمشين—إلى شقته بوعود بالمال أو الكحول. وبمجرد وصولهم، كان يُخدّرهم، ثم يخنقهم أو يخنقهم، ويقوم بعد ذلك بممارسة الجنس مع الجثث.
لكن دامر لم يتوقف عند هذا الحد. كان يشوه جثث ضحاياه، ويحتفظ ببعض أجزاء الجسد كتذكارات. كما قام بتجارب على إذابة اللحم بالحمض، وحتى أنه حاول صنع “أموات أحياء” عن طريق حفر ثقوب في جماجم ضحاياه وحقن حمض الهيدروكلوريك أو الماء المغلي في أدمغتهم بينما كانوا لا يزالون على قيد الحياة. في بعض الحالات، أكل لحمهم، قائلاً لاحقاً للمحققين إنه أراد “إبقاءهم معه” إلى الأبد.
من بين أشهر جرائمه جريمة قتل كونيراك سينثاسومفون البالغ من العمر 14 عاماً، وهو فتى من أصل لاوسي تمكن من الهروب من شقة دامر في مايو 1991—عاريًا، مخدّرًا، ونازفًا. وصلت الشرطة، لكن دامر أقنعهم بأن سينثاسومفون كان عشيقاً سكراناً. أظهر الضباط إهمالاً واضحاً، وأعادوا الفتى إلى دامر، الذي قتله بعد ذلك بوقت قصير. أصبحت هذه الحادثة لاحقاً رمزاً للإخفاقات النظامية التي سمحت لدامر بمواصلة جرائمه دون رادع.
الاعتقال والمحاكمة: العدالة تدركه أخيراً

انتهى عهد جيفري دامر الإرهابي في 22 يوليو 1991، عندما تمكن تريسي إدواردز، أحد الضحايا المحتملين، من الهرب وأرشد الشرطة إلى شقة دامر. داخل الشقة، اكتشف الضباط منظراً مرعباً: صور بولارويد لجثث مشوهة، ورؤوس مقطوعة في الثلاجة، وبرميل مليء ببقايا بشرية متحللة.
أُلقي القبض على جيفري دامر، واعترف في النهاية بقتل 17 شخصاً، رغم أن بعض التقديرات تشير إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أكبر. بدأت محاكمته في يناير 1992، حيث ادعى أنه غير مذنب بسبب الجنون. لكن التقييمات النفسية خلصت إلى أنه، على الرغم من اضطرابات شخصيته الخطيرة، كان يدرك الفرق بين الصواب والخطأ—أي أنه كان سليماً عقلياً من الناحية القانونية. حُكم عليه بالسجن 15 مرة متتالية (أكثر من 900 عام في السجن).
الحياة في السجن والموت
كانت حياة دامر في السجن مليئة بالعزلة والعنف. في عام 1994، تعرض للضرب المميت على يد زميله في السجن كريستوفر سكارفر، الذي ادعى أن الله أمره بقتل دامر. كان موته نهايةً لفصل مظلم في التاريخ الإجرامي، لكن جراح جرائمه لا تزال باقية.
اقرا ايضا قصة إيلين وورنوس: حياة مليئة بالإيذاء والعنف والإعدام