صدام حسين، الرئيس العراقي السابق وأحد أكثر الحكام شهرة في القرن العشرين، أعدم في 30 ديسمبر/كانون الأول 2006، بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وكان موته بمثابة نهاية حقبة شهدت انزلاق العراق إلى عقود من الخوف والقمع والحرب. ولكن حتى بعد وفاته، ظل صدام حسين شخصية مثيرة للجدل، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمكان دفنه الأخير. يكشف هذا المقال عن قصة قبر صدام حسين، والتفاصيل المتعلقة بدفنه والنزاعات الدائمة حول إرثه والمكان الذي لا يزال مدفونًا فيه.
إعدام صدام حسين
بعد أشهر من الفرار عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، ألقت القوات الأميركية القبض على صدام حسين في ديسمبر/كانون الأول 2003. وأدانته المحكمة العراقية الخاصة بالقتل وحكم عليه بالإعدام لدوره في مذبحة الدجيل عام 1982، والتي أسفرت عن مقتل 148 شيعياً عراقياً. وتم تنفيذ حكم الإعدام عليه في الساعات الأولى من صباح 30 ديسمبر/كانون الأول 2006 في بغداد، تزامناً مع احتفال المسلمين بعيد الأضحى.
وبعد وقت قصير من إعدام صدام، دارت مناقشات كثيرة حول المكان الذي سيدفن فيه جثمانه. ولأن الناس كانوا منقسمين بشأن قيادته، فقد اعتقدت الحكومة العراقية والمسؤولون الأميركيون أن قبره قد يصبح في نهاية المطاف مكاناً يذهب إليه أتباعه في رحلة حج، أو أن الناس قد يحاولون تدميره. وعلى هذا فقد تم التوصل إلى قرار بدفنه في مكان سري وبعيداً عن العامة.
دفن جثة صدام في العوجة
تم دفن صدام حسين، الرئيس العراقي المخلوع، في مسقط رأسه، قرية العوجة، الواقعة بالقرب من تكريت، على بعد حوالي 100 ميل شمال بغداد. العوجة قرية صغيرة يهيمن عليها السنة وكانت موالية لصدام ونظامه لفترة طويلة. تم الدفن بعد يوم واحد فقط من الإعدام، وفقًا للتقاليد الإسلامية، التي تدعو إلى الدفن المباشر وتم دفنه فيها.
مقالة أخرى ألبرت الصغير : الجانب المرعب للتجارب العلمية على البشر
تم دفن صدام في ضريح كان في قبو دفن مملوك للعائلة، وقد تم اقتراح ذلك منذ فترة طويلة. تم إنشاء الضريح، وهو مؤسسة متواضعة بشكل ملحوظ مقارنة بعظمة الأضرحة الأخرى، بأمر منه أثناء إدارته. بدأ كمكان لتخليد صدام وأصبح مكانًا ليس فقط لصدام ولكن أيضًا لولديه، عدي وقصي حسين، اللذين قُتلا في عام 2003 على يد الجيش الأمريكي.
كان اختيار دفن صدام في العوجة مسألة وجهات نظر مختلفة. فقد رأى بعض الناس أنه من الجيد أن يدفن في مسقط رأسه، حيث كان هناك من ساعدوه. ورأى آخرون أن ذلك بمثابة تذكير قاسٍ بنظامه الوحشي وكل التعذيب الذي جلبه على الشعب العراقي.
فيديو استخراج جثة صدام حسين
فيديو منتشر بشكل كبير جدًا (2.5 مليون مشاهدة و21 ألف شير) يظهر فيه الرئيس العراقي الأسبق الراحل صدام حسين وهو متوفي، مع تعليق: “جثمان صدام حسين سليم لم يتحلل بعد 12 عاما من رحيله”، وفي الفيديو شخص بيدعي إنه “بعد مرور 12 سنة على وفاة صدام حسين، أهله وهم ينقلون الجثمان لقوا الجثة لم تتحلل “. لكن هذا الكلام غير صحيح. فهو فيديو قديم من عام 2006 جرى تصويره أثناء دفن “صدام حسين” عقب إعدامه.
صدام حسين أُعدم في 30 ديسمبر 2006، وتم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه بلدة العوجة قرب مدينة تكريت، حيث تم دفنه يوم 31 ديسمبر بحضور عدد من أقاربه ومحبيه.
الفيديو منشور على يوتيوب بتاريخ 5 يناير 2007، أي بعد أيام قليلة من دفن صدام. رغد، ابنة صدام حسين، قالت في تصريحات تلفزيونية، إن رفات والدها تم نقله من مدفنه إلى “مكان أمين جدًا” دون أن تحدده.
مقطع الفيديو
الضريح : موقع مثير للجدل
كان مكان دفن صدام والسنوات القليلة التالية لخلعه بمثابة الحافز لحوادث الصراع والتوازي في العراق. وبعد بضع سنوات من إنشاء المقبرة ـ على الرغم من معارضة السلطات المحلية ـ قام السكان بتنمية الحديقة التي أطلقوا عليها اسم “حديقة برزان” كنموذج للتنمية البيئية والثقافية التي شهدتها البلاد. ومع ذلك، لا يزال أهل السنة في تكريت والمناطق المحيطة بها ينظرون إلى الضريح باعتباره موقعاً للحج ورمزاً لزعيمهم، الذي حافظ على السلام في البلاد، ومن وجهة نظر السنة، يقال إنه دافع عنهم ضد الأغلبية الشيعية في العراق.
ويرى كثيرون آخرون أن صدام كان الطاغية الذي أدار البلاد باستخدام الخوف والقمع والعنف. وقد قتلت حكومته مئات الآلاف من العراقيين في الحروب والتطهير وحملات الإبادة الجماعية، وخاصة بين السكان الأكراد في الشمال.
تدمير وإعادة بناء الضريح
بعد وفاة صدام حسين ، انزلق العراق إلى فوضى العنف الطائفي وعدم الاستقرار السياسي. وقد تعرض الضريح في العوجة لأضرار بالغة في هذه العملية، عدة مرات. وفي مارس/آذار 2015، عندما كانت القوات العراقية ومسلحو داعش يقاتلون للسيطرة على تكريت، ادعت الميليشيات الشيعية، التي اعتبرته نصبًا تذكاريًا للنظام السابق المكروه، أن الضريح تم تفجيره.
وقد حظي هدم النصب التذكاري بشعبية كبيرة في وسائل الإعلام العراقية والدولية، حيث أظهرت الصور أن الهيكل الذي كان مهيبًا ذات يوم أصبح الآن مجرد كومة من الحطام. ومع ذلك، فقد وردت تقارير لاحقًا أن جثة صدام ربما تم نقلها قبل هدمها، ربما من قبل أفراد قبيلته، الذين كانوا يأملون في حماية جثته من التدنيس.
خلال هذه السنوات، حاول أولئك الذين دعموا صدام من بين أتباعه وقبيلته دعم عمليات إعادة بناء الضريح. لا يزال هذا الموقع مثيراً للجدل في العراق، ويعكس هذا الانقسام العميق، ولا يزال جزءاً من تاريخ البلاد حول ذنب صدام.
ماذا خلف صدام حسين وراءه ؟
يتقاسم قبر صدام حسين في العوجة شخصية الرجل؛ فهو ليس مجرد مكان للدفن بل هو أيضاً رمز للإرث المعقد والمتنازع عليه الذي تركه وراءه. وبالنسبة للآخرين، فهو رجل وقف بشجاعة في الغرب عندما هددوا العراق وحافظ أيضاً على السلام؛ ورغم أنه كان وحشي، إلا أن البعض لا يزال يتذكره باعتباره الرجل الذي حافظ على النظام.
بالنسبة للعديد من الآخرين، يتذكرونه باعتباره طاغية كانت سياسته الرئيسية هي الحكم بالخوف والقمع والعنف. وإلى جانب ذلك، كانت إدارته في حروبهم وعمليات التطهير والإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي في شمال العراق خاضت تلك الحرب ضدهم إلى حد كبير.