القرن العشرين كان عصرًا مليئًا بالتقدم العلمي والتكنولوجي، ولكن في نفس الوقت شهد انقراض العديد من الكائنات الحية التي كانت جزءًا لا يتجزأ من نظامنا البيئي. بعض هذه المخلوقات كانت غريبة الشكل والتصرف، وهو ما يجعلها محور اهتمام العلماء والباحثين حتى بعد انقراضها. تنوعت الأسباب التي أدت إلى انقراض هذه المخلوقات، من تدمير المواطن الطبيعية إلى الصيد الجائر وتغير المناخ. في هذا المقال، سنتناول بعضًا من أغرب المخلوقات التي انقرضت في القرن العشرين، مع تسليط الضوء على خصائصها وأسباب اختفائها.
1. النمر التسماني
النمر التسماني، أو الثيلاسين، كان واحدًا من أغرب الحيوانات التي انقرضت في القرن العشرين. كان هذا الحيوان يجمع بين خصائص الذئب والنمر، وكان يعيش في تسمانيا وأجزاء من أستراليا وغينيا الجديدة. يمتلك جسمًا نحيلًا وفمًا واسعًا يمتد حتى الأذنين، مما منحه مظهرًا مخيفًا إلى حد ما.
على الرغم من كونه حيوانًا ليليًا وهادئًا في الغالب، إلا أن الصيادين كانوا يرونه تهديدًا للمواشي، مما أدى إلى مطاردته وقتله بشكل واسع النطاق. في عام 1936، توفي آخر نمر تسماني معروف في حديقة حيوان “بوماريس” في تسمانيا، معلنًا نهاية هذا النوع. ومنذ ذلك الحين، أطلقت حملات متعددة لمحاولة استعادة هذا المخلوق باستخدام تقنيات الاستنساخ، ولكن لم تكلل أي من هذه المحاولات بالنجاح.
2. الموري
الموري هو نوع من الطيور العملاقة التي كانت تعيش في نيوزيلندا، وكانت هذه الطيور لا تطير، بل تعتمد على حجمها الكبير في التنقل بين الغابات. وصل طول بعض أنواع الموري إلى 3.6 مترًا، وكانت تزن حوالي 230 كيلوغرامًا. يُعتقد أن هذه الطيور انقرضت في القرون الأولى من الاستيطان البشري لنيوزيلندا، ولكن كانت هناك أنواع صغيرة منها استمرت حتى القرن العشرين.
تمت ملاحقة الموري بشكل مكثف من قِبل السكان الأصليين، الذين اعتمدوا على لحمها وصيدها كمصدر أساسي للطعام. آخر طائر من هذا النوع انقرض في أوائل القرن العشرين، مع بقاء بعض العظام والأدوات الحجرية التي تشير إلى وجودها.
3. الطائر الدودو
على الرغم من أن الطائر الدودو قد انقرض في القرن السابع عشر، إلا أن الحديث عنه استمر حتى القرن العشرين، حيث كان يمثل رمزًا شهيرًا للانقراض. هذا الطائر الذي كان لا يطير عاش في جزيرة موريشيوس وكان بحجم الدجاجة تقريبًا. بسبب انعدام وجود مفترسين طبيعيين في بيئته، تطور الدودو ليكون غير قادر على الطيران ويعيش حياة هادئة حتى وصول البشر.
مع قدوم البشر إلى موريشيوس، جلبوا معهم الفئران والخنازير التي أكلت بيض الدودو، بالإضافة إلى الصيد المباشر للطائر. بحلول عام 1681، انقرض آخر طائر دودو. وعلى الرغم من انقراضه قبل القرن العشرين، إلا أن الدودو استمر في كونه رمزًا لفكرة الانقراض البشري المفرط، وتمت دراسة آثاره بشكل مكثف خلال القرن العشرين.
4. وحيد القرن الأسود الغربي
كان وحيد القرن الأسود الغربي واحدًا من أكبر وأندر أنواع وحيد القرن. هذا المخلوق الضخم عاش في مناطق من غرب ووسط أفريقيا. رغم كونه حيوانًا هادئًا في طبيعته، إلا أنه كان مستهدفًا بشكل كبير بسبب قرونه التي كانت تستخدم في الطب التقليدي والأسواق السوداء.
بحلول منتصف القرن العشرين، كانت أعداد وحيد القرن الأسود الغربي قد انخفضت بشكل حاد بسبب الصيد غير القانوني وتدمير المواطن الطبيعية. وفي عام 2011، أُعلن انقراضه رسميًا بعد فشل محاولات العثور على أي فرد من هذا النوع في البرية.
5. الفقمة الكاريبية الناسكة
الفقمة الكاريبية الناسكة كانت تعيش في البحر الكاريبي والمناطق المجاورة له، وكانت تعتمد على الشعاب المرجانية للبحث عن الطعام. كان لونها بنيًا داكنًا ولها جسم أملس يشبه باقي أنواع الفقمات. للأسف، أدت حملات الصيد المكثفة التي استهدفت جلدها وزيتها إلى تراجع أعدادها بشكل كبير.
آخر فقمة كاريبية ناسكة شوهدت في عام 1952، وبعد عقود من المحاولات الفاشلة للعثور على أي منها، تم الإعلان عن انقراض هذا النوع رسميًا في عام 2008.
6. بقر البحر ستيلر
بقر البحر ستيلر كان من المخلوقات العملاقة التي عاشت في المياه الباردة قرب سواحل بحر بيرينغ. تم اكتشافه لأول مرة من قبل المستكشف جورج فيلهلم ستيلر في منتصف القرن الثامن عشر، ووصفه بأنه كائن ضخم يصل طوله إلى 9 أمتار ووزنه إلى 10 أطنان. كان هذا الحيوان يعيش على الطحالب البحرية ولم يكن يخشى البشر.
للأسف، أدى صيده الجائر من قبل الصيادين الروس إلى انقراضه خلال أقل من 30 عامًا من اكتشافه. ورغم انقراضه في القرن الثامن عشر، إلا أن بقر البحر ستيلر بقي موضوعًا للدراسة خلال القرن العشرين كأحد الأمثلة الكلاسيكية على الانقراض البشري السريع.
7. النمر البربري
النمر البربري، المعروف أيضًا باسم الأسد الأطلسي، كان من أكبر وأقوى أنواع الأسود التي كانت تعيش في شمال أفريقيا، وخاصة في جبال الأطلس. تم تصويره في العديد من الرسومات الرومانية القديمة وكان يُعتبر رمزًا للقوة والشجاعة.
لسوء الحظ، أدى الصيد المكثف وتدمير المواطن الطبيعية إلى تراجع أعداد النمر البربري بشكل كبير. آخر نمر بربري بري قُتل في الجزائر في عام 1942. ورغم وجود بعض الأفراد في الأسر، إلا أن النوع يعتبر منقرضًا في البرية.
8. العصفور الأزرق الغربي
هذا الطائر الجميل كان يعيش في العديد من المناطق الزراعية والغابات في أمريكا الشمالية، وخاصة في الولايات الغربية. كان العصفور الأزرق معروفًا بلونه الجميل وصوته العذب. للأسف، أدى فقدان المواطن الطبيعية والاستخدام المكثف للمبيدات الحشرية إلى تراجع أعداده بشكل كبير.
بينما لا يزال بعض الأفراد من هذا النوع موجودًا، فإن أعداده تراجعت بشكل كبير خلال القرن العشرين، مما يجعله من الأنواع المهددة بشدة.
9. سلحفاة جزيرة بينتا العملاقة
كانت هذه السلحفاة العملاقة تعيش في جزيرة بينتا ضمن جزر غالاباغوس. آخر فرد معروف من هذا النوع كان يُدعى “لونسوم جورج” (Lonesome George)، والذي عاش في الأسر حتى وفاته في عام 2012. كان انقراض هذا النوع نتيجة لمزيج من الصيد الجائر وتدمير المواطن الطبيعية من قبل البشر والحيوانات المفترسة التي تم إدخالها إلى الجزيرة.
10. البجعة الوردية الرأس
البجعة الوردية الرأس كانت طائرًا مائيًا يعيش في بعض المناطق الرطبة في الهند وبورما. هذا الطائر النادر كان يتميز برأسه الوردي الذي يميزه عن بقية الطيور. ومع توسع النشاط البشري في مناطق تواجده، تدهورت بيئته الطبيعية بشكل كبير.
آخر مشاهدة مؤكدة للبجعة الوردية الرأس كانت في عام 1949، ومنذ ذلك الحين اعتبره العلماء منقرضًا بسبب فقدان المواطن الطبيعية والاستخدام المكثف للأراضي الزراعية.
الخاتمة
انقراض هذه المخلوقات الغريبة خلال القرن العشرين ليس مجرد خسارة لأنواع فريدة، بل هو تذكير قوي بالعواقب الوخيمة لتدخل الإنسان في النظام البيئي. هذه المخلوقات، التي كانت ذات يوم جزءًا من التنوع البيولوجي لكوكبنا، انقرضت نتيجة لأفعال البشر. لذا، فإن الحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية الأنواع المهددة أصبح من أهم التحديات التي تواجه البشرية اليوم لضمان بقاء كوكبنا متوازنًا ومستدامًا.