انطلقت “قافلة الحرية والصمود”، في 9 يونيو/حزيران 2025 من العاصمة التونسية، في مبادرة إنسانية تهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 600 يوم. تُعد هذه القافلة، التي نظمتها “تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين” بالشراكة مع تحالف أسطول الحرية والمسيرة العالمية إلى غزة، جزءًا من حراك مدني دولي يضم أكثر من 30 دولة. تأتي هذه المبادرة في ظل حرب مدمرة أودت بحياة الآلاف، بما في ذلك أكثر من 16,000 طفل، ودمرت البنية التحتية في غزة. هذا المقال يروي قصة القافلة، أهدافها، مسارها، التحديات التي تواجهها، وأهميتها الرمزية والإنسانية.
أهداف قافلة الحرية والصمود

على عكس القوافل التقليدية التي تحمل مساعدات إغاثية، تُركز قافلة الصمود على أهداف رمزية وإنسانية:
إقرأ أيضا : احتجاجات لوس انجلوس : هل هي حرب أهلية أمريكية ثانية ؟
- كسر الحصار: المطالبة بفتح معبر رفح وإنهاء الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية إلى غزة.
- إيصال رسالة تضامن: تعبير عن رفض الشعوب العربية والعالمية للصمت الدولي تجاه ما يُوصف بـ”حرب الإبادة” في غزة.
- إقامة جسر بشري دائم: بداية لسلسلة من التحركات الشعبية لربط غزة بالعالم الخارجي، مع اعتبار تونس ركيزة أساسية في هذا المشروع.
وفقًا لوائل نوار، الناطق الرسمي باسم القافلة، فإن القافلة لا تحمل مساعدات مادية تقليدية، بل تهدف إلى الضغط السياسي من خلال الاعتصام أمام معبر رفح لمدة تتراوح بين يومين إلى خمسة أيام، حسب الظروف.
تفاصيل الرحلة التونسية

- الانطلاق: بدأت قافلة الحرية والصمود رحلتها صباح 9 يونيو 2025 من شارع محمد الخامس وسط العاصمة تونس، وسط أجواء حماسية تضمنت هتافات مناهضة للعدوان الإسرائيلي ورفع أعلام تونس وفلسطين. تضم القافلة عشرات الحافلات والسيارات، بمشاركة تتراوح بين 1,000 إلى 5,000 ناشط من تونس، الجزائر، ليبيا، المغرب، وموريتانيا.
- المسار: مرت القافلة بمحافظات تونسية مثل سوسة، صفاقس، قابس، ومدنين، قبل الوصول إلى بن قردان، آخر نقطة في تونس. في 10 يونيو، عبرت معبر رأس جدير إلى ليبيا، وتتجه نحو معبر السلوم، ثم الأراضي المصرية، بهدف الوصول إلى معبر رفح.
- المشاركون: يشمل المشاركون في قافلة الحرية والصمود ناشطين، حقوقيين، أطباء، ومتطوعين من مختلف الأعمار. من بينهم لطفي بن عيسى، أستاذ جامعي متقاعد في السبعين من عمره، الذي أعرب عن فخره بالمشاركة مع الشباب، مما يعكس التنوع الاجتماعي والعمري للمبادرة.
تحديات ومخاطر قافلة الحرية والصمود

تواجه قافلة الحرية والصمود عدة عقبات منها :
- العوائق السياسية والأمنية: أشار الصادق عمار، رئيس التحالف التونسي لدعم الحق الفلسطيني، إلى احتمال تعرض قافلة الحرية والصمود للاعتداء أو التضييق الأمني، خاصة عند معبر رفح، نظرًا للتوترات السياسية والحصار المفروض. ومع ذلك، أكد أن المشاركين واعون بالمخاطر ومستعدون لتحملها.
- القيود اللوجستية: أثار البعض، مثل مستخدم X @athmane_dza، شكوكًا حول نجاح القافلة، مشيرًا إلى أن المشاركين قد لا يملكون تأشيرات دخول إلى مصر، مما قد يعيق وصولهم إلى معبر رفح. كما قارن بين هذه القافلة البرية وأسطول الحرية البحري، متسائلاً عن سبب اختيار المسار البري.
- المواجهات المحتملة: بالتزامن مع انطلاق قافلة الحرية والصمود، تعرضت سفينة “مادلين”، التي كانت جزءًا من أسطول الحرية البحري وتحمل 12 ناشطًا دوليًا، لعملية اعتراض من قبل كوماندوز البحرية الإسرائيلية في 9 يونيو 2025، مما يعكس المخاطر التي تواجه مثل هذه المبادرات.
السياق الدولي لـلقافلة الانسانية

تُعد القافلة جزءًا من حراك دولي يشمل:
- أسطول الحرية: تحرك بحري موازٍ، مثل سفينة “مادلين” التي انطلقت من إيطاليا. يمتد تاريخه إلى عام 2010، حين انطلق أسطول محمل بـ10,000 طن من المساعدات، لكنه واجه اعتراضات إسرائيلية.
- المسيرة العالمية إلى غزة: تضم مشاركين من 25 دولة، بما في ذلك شخصيات مثل رائد صلاح وغريتا ثونبرغ.
- التضامن المغاربي: تُعد القافلة أول تحرك بري جماعي من المغرب العربي، مما يعكس التزام الشعوب بالقضية الفلسطينية في ظل “صمت رسمي”.
تُمثل القافلة رمزًا للمقاومة الإنسانية. قصص مثل العجوز التونسي الذي قدم مظلته ليُسلمها إلى “أول غزاوي” تُبرز العمق العاطفي للتضامن. أشاد السفير الإيراني في تونس بالمبادرة، واصفًا إياها بـ”خطوة سياسية مهمة”. منشورات على X، مثل تلك من @Emantawalbeh333، وصفت القافلة بأنها “مشحونة بالكرامة”، بينما أشار @ARezeg إلى أن الحشد الشعبي يُظهر حيوية الشعوب.
بحلول 10 يونيو 2025، عبرت قافلة الحرية والصمود الحدود الليبية، وتتجه نحو مصر. لا توجد تقارير عن مواجهات، لكن المخاوف من التضييق عند معبر رفح قائمة. تُخطط القافلة للاعتصام أمام المعبر للضغط على فتحه، ضمن رحلة مُقدرة بـ14 يومً