إذا سألت الناس عن أشهر سفينة عبر التاريخ وأكثرها غموضا سيقول لك أنها تيتانيك وهذا صحيح , لكن هناك قصص لسفن أخرى لربما أكثر غموضا ,ولعل أشهرهم هي الاختفاء المشبوه للسفينة البريطانية ماري سيليست , قصة السفينة ماري سيليست، يكتنفها الكثير من الغموض ونسجت حولها أساطير، جعلتها أشهر لغز بحري عبر التاريخ .تم اكتشافها عام 1872 وهي تائهة في المحيط الأطلسي بدون اي أثر للطاقم الذي كان على متنها ، على مدى سنين أثارت السفينة نظريات كثيرة حول مصير ركابها, وتركت سلسلة من الأسئلة المحيرة للعقل والمنطق وحتى العلم . لذلك في هذا الفيديو سأحكي لكم قصة سفينة الاشباح ماري سيليست
قصة السفينة ماري سيلست
السفينة ماري سيليست هي سفينة شراعية صغيرة قوية ذات صاريتين تم بنائها عام 1861 في جزيرة سبنسر نوفا سكوشا، كندا . سميت في البداية أمازون. كانت السفينة مصممة لنقل البضائع والسفر لمسافات بعيدة . بيعت عدة مرات وخضعت لإصلاحات كبيرة . وعلى الرغم من ماضيها وحوادثها الكثيرة الا انها اعتُبرت صالحة للإبحار بعد عمليات الإصلاح واستمر استخدامها لنقل البضائع عبر المحيط الأطلسي لسنين .
عام 1868، بيعت السفينة لأصحابها الأميركيين، وأُعيد تجهيزها بالكامل وتغيير الكثير من تفاصيلها، بما فيها الاسم حيث تم تسميتها بـ ماري سيليست عام 1869 . عام 7 نوفمبر 1872 وتحت هذا الاسم الجديد بدأت أولا رحلاتها المشؤومة ، كانت السفينة تحت قيادة القبطان، بنيامين بريجز، الذي كان بحارًا متمرسًا وذو خبرة .ولم يكن ملاحًا ماهرًا فحسب، بل كان أيضًا رجلًا متدينًا للغاية وكان معروفًا بحذره الشديد في البحر .كان برفقته زوجته سارة وابنتهما البالغة من العمر عامين، صوفيا، وطاقم من سبعة رجال .أبحرت سيليست من ميناء نيويورك، متجهة إلى جنوة، إيطاليا وهي تحمل شحنة من 1701 برميل من الكحول الصناعي.
مقالة أخرى: أول حديقة حيوان بشرية في التاريخ: فصل مظلم في تاريخ فرنسا
كان من المتوقع أن تكون الرحلة خالية من أي مشاكل أو صعوبات حسب التخطيط المسبق. كان الطقس صافياً ، وكانت السفينة في حالة جيدة، وكان الطاقم مستعدا وكلهم في صحة جيدة . لكن حدث شيء غريب على طول الطريق لا يعلمه أحد الا اليوم فقد اختفت السفينة ماري سيليست بدون أي أثر يذكر .
اكتشاف السفينة ماري سيليست
في الخامس من ديسمبر 1872، بعد أقل من شهر من إبحار ماري سيليست، رصدتها سفينة أخرى ، وهي السفينة الشراعية البريطانية دي جراتيا بقيادة الكابتن ديفيد مورهاوس على بعد حوالي 400 ميل شرق جزر الأزور , وهي سلسلة من الجزر في منتصف المحيط الأطلسي . كانت دي جراتيا تبحر هي الاخرى إلى جنوة بإيطاليا و على نفس المسار الذي سلكته ماري سيليست. عندما لاحظ الكابتن مورهاوس وطاقمه السفينة، أصابتهم الحيرة . كانت ماري سيليست تنجرف، وتتحرك بشكل غير منتظم وكأنه لا أحد يتحكم فيها ، تعرف عليها القبطان ديفيد مورهاوس على انها ماري سيليست ، و كان يعلم أنها غادرت مدينة نيويورك قبل أسابيع قليلة، متجهة إلى جنوة بإيطاليا. بدت السفينة مهجورة بشكل مخيف . أحس الكابتن مورهاوس وهو صديق الكابتن بينيامين الى وجود شيء غير طبيعي في هذه السفينة ، فأمر فريق الصعود للتحقيق.
عندما صعد طاقم دي جراتيا على متن ماري سيليست، وجدوا السفينة في حالة بدائية مخيفة بشكل غريب وكأنها قد سافرت عبر الزمن . لكن من جانب كانت الأشرعة مثبتة جزئيًا، وكان عنبر الشحن سليمًا إلى حد كبير، ولم يكن هناك أي علامة على صراع أو ضرر او صدام . كانت السفينة صالحة للإبحار بول مجهزة بالكامل بالمؤنة – كان هناك ما يكفي من الطعام والماء على متنها لمدة ستة أشهر . ضف عليها المتعلقات الشخصية للطاقم و الأشياء الثمينة مثل المال والمجوهرات وأدوات الملاحة والخرائط الخاصة بالكابتن بريجز، لا تزال في مكانها على متن السفينة. والصادم أن حمولتها من الكحول الذي سافرت به في البداية كان سليمة وغير ناقصة .
المرعب في الموضوع أنه لم يكن هناك أي أثر للقبطان بنيامين بريجز، أو زوجته، أو ابنته، أو أفراد الطاقم السبعة الذين كانوا على متنها ,ولم تكن هناك أي علامة أو دليل على صراع أو شجار أو حتى جريمة قتل ، ولا أي دليل على أي كارثة يمكن أن تفسر اختفائهم . كان الأمر وكأنهم تبخروا في الهواء . لكن ما لاحظوه أن قارب النجاة كان مفقود
حين يقوم المؤرخون بدراسة تاريخ السفينة يكتشفون أشياء غريبة ، فقد تعرضت لعدة حوادث، كتصادم بين السفن الاخرى ونشوب عدة حرائق ، الامر دفع الناس إلى الاعتقاد بأن السفينة كانت ملعونة . وأثناء رحلتها الأولى، مرض قائدها فجأة وتوفي . وعلى مر السنين، تعرضت السفينة لعدة حوادث، بما في ذلك تصادم بين سفن أخرى سبب تلف اجزاء كبيرة منها وفي احدى المرات نشب حريق ضخم في السفينة لم يعرف سببه .
بداية التحقيق في اختفاء السفينة
بعد اكتشاف السفينة ماري سيلست المفقود ، تم قيادتها إلى جبل طارق الواقع تحت الحكم البريطاني، هناك بدأ تحقيق رسمي في اختفاء طاقمها المريب. تم تكليف السلطات البريطانية بالكشف عن الحقيقة وراء هذه القضية المحيرة. تم فحص كل جزء من السفينة بدقة ، ولم يكن هناك ما يشير إلى وقوع حدث كارثي أو هجوم او سرقة . الحمولة الأساسيه للسفينة وهي الكحول الصناعي ظلت سليمة . غير أن هذا التحقيق انتهى بالمزيد من الأسئلة أكثر من الإجابات
في البداية ، ولغرابة الموقف والحالة التي عثر فيها على السفينة المفقودة , تم الاشتباه في أن الكابتن مورهاوس وطاقمه الذين عثروا عليها قد ارتكبوا جريمة قتل ، تقول فرضيتهم أن طاقم الانقاذ كانو على علم بقانون يجيز دفع جائزة مالية لكل من يكتشف سفينة مفقودة في البحر وينقذ طاقها او ينقذ هيكل السفينة , وعليهفقد دبر كابتن السفينة دي جراتيا ديفيد مورهاوس وطاقمه قصة الاكتشاف للمطالبة بحقوق الإنقاذ للسفينة المهجورة ماري . لكن بعد التعمق وتكيف البحث ، لم يتم العثور على أي دليل يدعم هذه الادعاءات . وفي النهاية وتطبيقا للقانون مُنح طاقم دي جراتيا الجائزة المالية الخاصة بالإنقاذ، لكن التحقيق لم يجب عن اي سؤال بل ترك اللغز المركزي دون حل: ما الذي تسبب في تخلي طاقم ماري سيليست عن سفينتهم؟ اين هي بقايا جثثهم ؟ وما الذي حدث لهم ؟
نظريات وتكهنات لاختفاء ااسفينة ماري سيليست
منذ اللحظة التي عُثر فيها على ماري سيليست وهي مهجورة من أي حياة ، انتشرت التكهنات الفرضيات بين الناس مثلما تنتشر الشائعات الان وتتحول لترند على السوشيال ميديا . أصبحت ماري سيليست حديث الناس في المطاعم والحانات وعند الحالات وفي صالونات الحلاقة , هذا بالنسبة لعامة الناس أما النخبة فقد حير لغز ما حدث للسفينة والطاقم الباحثين والمؤرخين والمحققين لأكثر من 100 سنة. تم اقتراح عدد لا يحصى من الفرضيات بعضها منطقي وبعضها خيالي .
القرصنة أو التمرد
كانت فرضية وقوع ماري سيليست ضحية للقرصنة أو التمرد واحدة من أقدم النظريات التي تم طرحها . في ذلك الوقت، كانت القرصنة منتشرة بشكل كبير في المحيط الأطلسي ، وكان هناك سبب منطقي قرصنتها حيث أن السفينة تحمل شحنة ثمينة من الكحول الصناعي . ضف عليها الممتلكات الثمينة لافرد الطاقم مث المال والمجوهرات لكن ما يجعل هذه الفرضية ضعيفة هو انعدام أي دليل لوجود أثار عنف او شجار على السفينة لم يتم العصور على نقطة دم واحدة على السفينة ضف عليها أن الحمولة من الكحول كانت لا تزال موجودة حتى المجوهرات والاموال بقيت في السفينة , وهذا أمر غير منطقي في هجوم لقراصنة .
نظريات خارقة للطبيعة
بسبب الظروف الغريبة التي عثر فيها السفينة **ماري سيليست**، فعادي جدا أن تجد فرضيات خرافية وماورائيةى تفسر اختفاء طاقمها , فطبيعة البشر والشعوب بدون استثناء هو تفسير الغير مفسر بما هو غير مثبت , فسهل أن يفسر الفاشل فشله بالسحر , وسهل أن يفسر المجرم جريمته بأن جني تلبسه , ولذلك فكل الشعوب عندها هذا الميل نحو تفسير ما لا تفسير له بشيء غيبي او خرافي , وعليه خرجت بعض الافكار والفرصات الغريبة من قبيل :
وحش بحر
في أواخر القرن التاسع عشر، كانت قصص وحوش البحر لا تزال شائعة ويتم تداولها بكثر خصوصا من قبل البحارة الذين سربوا تلك القصص لعامة الناس ، اقترح البعض أن طاقم ماري سيليست تعرضوا لهجوم من قبل مخلوق عملاق من الأعماق . هذه الفرضية هي أقرب للخيال منها إلى الواقع ، حيث لا يوجد دليل واحد على هجوم وحش فلا اثر لاي أضرار بالسفينة .
بعد فشل هذه الفرضية تم طرح فرضية أخرى وهي مثلث برمودا , فعلى الرغم من أن ماري سيليست أساسا لم تكن تبحر في مثلث برمودا ، فقد تم مقارنة ما وقع للسفينة ماري بحالات اختفاء غامضة أخرى في المنطقة . حيث يزعم بعض أصحاب نظريات المؤامرة أن السفينة ربما مرت عبر “بوابة زمنية “ أو دخلت لمنطقة تعمل فيها قوى خارقة للطبيعة . ولكن كيف اختفى الركاب وبقيت السفينة المفرض يدخلو في البوابة مع بعض
تم اقتراح أيضا أن السفينة قد تكون تعرضت اختطاف من قبل كائنات فضائية وتم أخذهم الى الفضاء السحيق تاركين ورائهم السفينة مهجورة لتبقى لغز أبدي , طبعا هذه الفرضية ممتعة وقد يقبلها أصحاب الارض المسطحة ونظريات المؤامرة نعم ولكن منطقية لا
كارثة طبيعية
تقترح هذه الفرضية أن البعض من طاقم **ماري سيليست** ربما واجهوا حدثً بيئيً مفاجئً أجبرهم على التخلي عن السفينة بكل ما فيها والهروب في قارب النجاة الذي وجدوه مفقود بعد العثور عليها وفي الغالب يتم الاستشهاد بالكوارث الطبيعية في محاولة تفسير الألغاز البحرية , ومن هذه الكوارث الطبيعية **التورنادو المائي**: التورنادو المائي هو إعصار يتكون فوق الماء، ومن المحتمل أن تكون **ماري سيليست** قد واجهته في عرض البحر، الامر الذي سبب خوف الطاقم وهروبهم في قارب النجاة . وبهذه الفرضية يتم تفسير الحبال والأشرعة التي عثر عليها الطاقم في حالة سيئة . لكن هناك ثغرة في هذه الفرضية ، فقد تم العثور على السفينة ماري سيليست سليمة دون أي ضرر هيكلي كبير
أبخرة الكحول وخطر الانفجار
تقول إحدى الفرضيات وهي من بين اكثر الفرضات قبولا أن طاقم سفينة **ماري سيليست** ربما خافوا من حدوث انفجار بسبب تسرب أبخرة براميل الكحول المخزنة في السفينة . حيث أن الكحول المتحول قابل للاشتعال بدرجة كبيرة ، وإذا كان هناك تسرب ، فمن المحتمل أن تتراكم الأبخرة في المخزن .وبالتالي نشوب حريق أو انفجار يحول السفينة لاشلاء ، وقابلية الاشتعال السريع سهلة جدا بسبب شرارة من موقد الطهي أو الفوانيس او حتى ولاعة , هذه النظرية بتين على حقيقة اكتشاف أن السفينة كانت تحمل 1701 برميل من الكحول الصناعي ، حيث تم العثور على بعض من البراميل فارغًة
تقول الفرضية أنه بعدما شم الكابتن بريجز وطاقمه أبخرة الكحول صادرة من عنبر الشحن، اصيبوا بالذعر وتركوا السفينة في قارب النجاة ، خوفًا من انفجارها .
هناك ادلة تدعم هذه الفرضية من قبيل حقيقة أن طاقم الانقاذ عثر على فتحات السفينة **ماري سيليست** وهي مفتوحة ، مما يشير ربما إلى أن الطاقم حاول تهوية السفينة لتجنب الانفجار . ضف عليها قارب النجاة المفقود الذي يدل على أن الطاقم هجر السفينة بالفعل .
هناك ثغرة جعلت هذه النظرية تحمل اسئلة دون إجابات. من قبيل إذا كان الطاقم قد أخلى السفينة مؤقتًا حتى تنتهي الابخرة ، فلماذا لم يعودوا إلى السفينة بعد تأكدهم أن السفينة لن تنفجر؟ ولماذا لم يتم العثور على أي جثث أو حطام من قارب النجاة منذ قرن من الزمن ؟
بجانب تيتانيك مازال لغز ماري سيليست الذي لم يتم حله الى اليوم واحد من أكثر الاغاز المحيرة في تاريخ الملاحة البحرية .والى حدود الساعة لم تخرج أي فرضية قادرة على تفسير ما حدث لطاقمها بتسلسل منطقي للاحداث . ولكن هذا هو أجمل شيء في هذا النوع من الحوادث فكلما بقيت لعز بدون جواب كلما بقيت بتلك الهيبة والغموض
مقالة أخرى : أماكن غامضة يمنع على البشر على دخولها !!