“دولة الإرهاب: كيفية قيام إسرائيل الحديثة عبر الإرهاب” هو كتاب ألفه الموسيقي والباحث الأميركي توماس سواريز , أثار الكتاب الكثير من الجدل خصوصا في أوروبا والولايات المتحدة الامريكية بسبب النبرة والكلمات المستعملة في الكتاب والتي لم تعتد اسرائيل على سماعها , سواريز يعتمد في هذا الكتاب على وثائق بريطانية ، وأرشيفات صهيونية، وسجلات أخرى،
في كتابه، يقدم توماس سواريز عرضاً تاريخياً مفصلاً للمرحلة التي سبقت قيام دولة إسرائيل، بداية من الانتداب البريطاني على فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى وحتى إعلان قيام الدولة عام 1948. يركز سواريز على كيفية استخدام العنف الممنهج من قبل مجموعات صهيونية متطرفة مثل “إرغون” و”شتيرن”، والتي استخدمت الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها القومية . هذه المجموعات نفذت هجمات على دنيين فلسطينيين وعرب وحتى بريطانيين كجزء من استراتيجية عسكرية ترهيبية لإجبار القوى العظمى خصوصا بريطانيا على قبول دولة يهودية في فلسطين.
الإرهاب كأداة سياسية
يقدم سواريز في كتابه دولة الإرهاب أمثلة عديدة على الهجمات الإرهابية التي نفذتها هذه المجموعات الصهيونية، مثل تفجير فندق الملك داود عام 1946، الذي أدى إلى مقتل 91 شخصاً، معظمهم من المدنيين. يستخدم المؤلف هذه الأمثلة ليبين أن الإرهاب لم يكن مجرد وسيلة دفاعية بل كان جزءاً من استراتيجية مخططة ومقصودة لإرهاب السكان العرب ودفعهم إلى الرحيل.
يوضح سواريز في كتاب دولة الإرهاب كيف أن استخدام الإرهاب لم يكن مجرد أداة ضد الفلسطينيين فحسب، بل أيضاً ضد القوى الاستعمارية البريطانية التي كانت تتولى إدارة فلسطين . كان لهذه الهجمات الوحشية نتائج كارثية من قبيل النزوح الجماعي للفلسطينيين خلال حرب 1948، والتي يعتبرها المؤلف نتيجة مباشرة للاستراتيجية الإرهابية . يروي الكتاب قصصاً مؤثرة عن العائلات الفلسطينية التي فقدت منازلها وأراضيها بسبب هذه الهجمات ، وكيف ما زالت هذه المعاناة مستمرة حتى اليوم , كان لتلك الغارات الصهيونية تأثير كبير في تحفيز بريطانيا إلى التخلي عن الانتداب وتسليم القضية إلى الأمم المتحدة ، الامر الذي مهد الطريق لقيام دولة إسرائيل
انتقادات وتقييمات
منذ نشره، أثار كتاب “دولة الإرهاب” الكثير من الجدل والصراع والاتهامات المتبادلة . فبعض النقاد يعتبرون أن الكتاب يسلط الضوء على حقائق مهمة تتعلق بتاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والتي غالباً ما يتم تجاهلها أو التقليل من أهميتها في السرديات الرسمية. بالمقابل، يواجه الكتاب انتقادات من بعض المؤرخين والكتاب الإسرائيليين الذين يرون أنه يتبنى وجهة نظر أحادية ومعادية للسامية ويبالغ في تصوير الإرهاب كعامل وحيد في قيام دولة إسرائيل.
“دولة الإرهاب” هو كتاب يطرح أسئلة مهمة حول كيفية استخدام العنف لتحقيق الأهداف السياسية وتأثير ذلك على المجتمعات المتورطة في الصراع. توماس سواريز يقدم من خلاله رواية تاريخية توثق استخدام الإرهاب من قبل الحركة الصهيونية وتداعيات ذلك على الشعب الفلسطيني. سواء اتفقنا مع كل ما يطرحه الكتاب أم لا، يبقى “دولة الإرهاب” عملاً جدلياً يحفز على التفكير ويعيد النظر في بعض المسلمات التاريخية المتعلقة بالقضية الفلسطينية .
مقالة أخرى كتاب “التطهير العرقي في فلسطين” للكاتب والمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه