في العاشر من مارس 2019، استيقظ العالم على واحدة من أكبر الكوارث الجوية في العقد. تحطمت طائرة تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية، الرحلة 302، بعد دقائق فقط من إقلاعها من مطار بولي الدولي في أديس أبابا، إثيوبيا، متوجهة إلى نيروبي، كينيا. هذه الحادثة أثارت موجة من الحزن والصدمة عالميًا، خاصة وأنها جاءت بعد أشهر قليلة من حادثة مشابهة لطائرة أخرى من نفس الطراز. في هذه المقالة، سنتناول بالتفصيل خلفية الحادثة، ملابساتها، الأسباب التي أدت إليها، والتداعيات العالمية التي تبعتها.
الخطوط الجوية الإثيوبية الرحلة 302 : شركة ذات سمعة مرموقة
تُعد الخطوط الجوية الإثيوبية واحدة من أكثر شركات الطيران احترامًا وأسرعها نموًا في إفريقيا. تأسست عام 1945، وهي معروفة بتميزها في السلامة والخدمة. كانت الشركة تحظى بسمعة ممتازة قبل الحادثة، ولم يكن أحد يتوقع أن تقع كارثة بهذا الحجم ضمن أسطولها المتطور. طائرة الرحلة 302 كانت من طراز بوينغ 737 ماكس 8، وهو طراز جديد كان يُفترض أن يمثل قفزة نوعية في عالم الطيران التجاري.
تفاصيل الرحلة 302
كانت الطائرة تحمل على متنها 157 شخصًا من 35 جنسية مختلفة، بما في ذلك الطاقم. أقلعت الرحلة في الساعة 8:38 صباحًا بالتوقيت المحلي من أديس أبابا، ولكن بعد ست دقائق فقط، تحطمت بالقرب من بلدة بيشوفتو، على بعد حوالي 50 كيلومترًا من المطار. جميع الركاب وطاقم الطائرة لقوا حتفهم في الحادثة، مما جعلها واحدة من أسوأ الكوارث الجوية في تاريخ إثيوبيا.
تسلسل الأحداث قبل وقوع حادثة الخطوط الجوية الاثيوبية 302
عند الإقلاع، كان الطقس مستقرًا، ولم تكن هناك أية مؤشرات على وجود مشاكل. ولكن بعد دقائق قليلة من الإقلاع، أبلغ قائد الطائرة، الكابتن يارد جيتاشو، برج المراقبة عن وجود مشاكل في التحكم بالطائرة وطلب العودة إلى المطار. كانت الطائرة ترتفع وتهبط بشكل غير طبيعي، مما يشير إلى وجود مشكلة خطيرة في النظام.
بحسب بيانات الصندوق الأسود، أظهر النظام تحذيرات متكررة تشير إلى خلل في نظام تعزيز الخصائص الهوائية (MCAS). هذا النظام، المصمم لمنع الطائرة من الانقلاب بسبب زاوية الهجوم العالية، تم تفعيله بشكل غير صحيح، مما أدى إلى دفع مقدمة الطائرة نحو الأسفل بشكل متكرر.
تحليل اسباب الحادثة
- نظام MCAS: نظام تعزيز الخصائص الهوائية (MCAS) في طراز بوينغ 737 ماكس 8 كان المشكلة الرئيسية. صُمم هذا النظام ليتفاعل تلقائيًا مع البيانات الواردة من أجهزة استشعار زاوية الهجوم (AOA). إذا اكتشف النظام أن زاوية الطائرة أصبحت حادة جدًا، فإنه يتدخل لتخفيض مقدمة الطائرة. في حالة الرحلة 302، استقبل النظام بيانات خاطئة من أحد أجهزة الاستشعار، مما جعله يدفع مقدمة الطائرة للأسفل مرارًا وتكرارًا.
- التدريب والمعلومات: لم يكن الطيارون مدربين تدريبًا كافيًا على كيفية التعامل مع خلل نظام MCAS. كشفت التحقيقات أن شركة بوينغ لم تزود شركات الطيران بمعلومات كافية عن هذا النظام الجديد ولم تدرجه ضمن دليل الطائرة بشكل واضح.
- إجراءات بوينغ: بعد الحادث، تعرضت بوينغ لانتقادات شديدة بسبب تصميم النظام واعتمادها على جهاز استشعار واحد فقط، مما جعل النظام عرضة للأخطاء. كما اتُهمت الشركة بالتسرع في عملية التصديق على الطائرة من قبل إدارة الطيران الفيدرالية (FAA).
التداعيات العالمية
- إيقاف تشغيل طراز بوينغ 737 ماكس: بعد الحادثة، قررت العديد من الدول تعليق تشغيل جميع الطائرات من طراز بوينغ 737 ماكس 8، بما في ذلك الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، والصين. هذا الإجراء أثر بشكل كبير على سمعة بوينغ وتسبب في خسائر مالية ضخمة للشركة.
- تحقيقات دولية: بدأت السلطات الإثيوبية، بالتعاون مع خبراء من دول أخرى، تحقيقًا شاملاً للكشف عن الأسباب الدقيقة للحادثة. كما أجرت إدارة الطيران الفيدرالية تحقيقات داخلية حول عملية التصديق على الطائرة.
- تغييرات في معايير السلامة: أدت الكارثة إلى إعادة النظر في معايير السلامة للطائرات الجديدة. تم تشديد الإجراءات المتعلقة بأنظمة الطيران الآلية، وأُجبرت بوينغ على إجراء تغييرات كبيرة على نظام MCAS.
- تعويضات عائلات الضحايا: رفعت عائلات الضحايا دعاوى قضائية ضد شركة بوينغ، مما أدى إلى تسويات مالية كبيرة. كما طالبت العائلات بمزيد من الشفافية في التحقيقات.
اقرا ايضا إسحاق نيوتن الفيزيائي الشهير الذي اكتشف مفهوم الجاذبية؟