الرحلة الفرنسية 447 : القصة الغامضة لاختفاء طائرة فرنسية . في ليلة باردة وممطرة يوم31 ماي 2009 ، أقلعت رحلة الخطوط الجوية الفرنسية رقم 447 ، وهي عبارة عن طائرة إيرباص A330-200 ، من ريو دي جانيرو، البرازيل قاطعة المحيط الاطلسي بعظمته متجهة إلى باريس العاصمة الفرنسية . كانت الاجزاء داخل الطائرة عادية جدا من الركاب من غط في نوم عميق ومنهم من يشاهد فيلم ومنهم من يقرأ والبعض الاخر ينتظر دوره للدخول للحمام ، في حين الطاقم وكما هو معتاد بدأو في تجهيز الطعام الشراب ، لم يكن الطاقم ولا الركاب على علم بأن رحلتهم عبر المحيط الأطلسي والتي أصبحت للبعض روتينية يعلمون ستنتهي بمأساة يخلدها التاريخ . لم يكن أي أحد يتوقع أن ستصبح الرحلة 447 واحدة من أكثر حوادث الطيران التي تمت دراسة حالتها أثرها في التاريخ ، بل وصل الامر بخبراء الطيرات يلقبون هذه الرحلة بتايتانيك المساء . فما هي القصة الغاضمة لاختفاء الرحلة 447
قصة الرحلة الفرنسية 447
كانت رحلة الخطوط الجوية الفرنسية 447 رحلة روتينية مجدولة من مطار جالياو الدولي في ريو دي جانيرو إلى مطار شارل ديغول في باريس. في مساء يوم 31 مايو 2009 . كان الكابتن مارك دوبوا، 58 عامًا، في القيادة ، وهو طيار ذو خبرة تزيد عن 11000 ساعة طيران . والضابط الأول ديفيد روبرت ، 37 عامًا . والضابط الثاني بيير سيدريك بونين 32 عامًا وعلى متنها 216 راكبًا و12 من أفراد الطاقم .
بداية القصة كانت من مطار ريو دي جانيرو جالياو الدولي- الساعة 19:29 بالتوقيت الرسمي البرازيلي ، وستستغرق الرحلة 11 ساعة و 15 دقيقة للوصول لمطار شارل ديغول في باريس على الساعة 11:03 بالتوقيت المركزي . أقلعت الرحلة 447 وهي طائرة إيرباص A330-203 بدون أي مشاكل .
عندما خرجت الرحلة 447 من ريو دي جانيرو . واجهت منطقة من العواصف الرعدية فوق المحيط الأطلسي . وهو أمر شائع في المنطقة المعروفة باسم منطقة التقارب بين المناطق الاستوائية . وتشتهر هذه المنطقة بطقسها القاسي الذي لا يمكن التنبؤ به . مع السحب الركامية الشاهقة ، والرياح القوية و عواصف رعدية .
الفياجرا : الحبة الزرقاء السحرية التي غيرت حياة البشر
مع اقتراب الرحلة 447 من تلك المنطقة الخطيرة , حدث ما كان متوقعا بالنسبة للطاقم والطيارين . تلقى الرحلة تحديثات تشير إلى وجود عواصف . طلب الكابتن الانحراف عن المسار المخطط له لتجنب أسوأ الأحوال الجوية . وافقت مراقبة الحركة الجوية على طلبهم ، وقام الطيارون بتعديل مسار الرحلة .
أولى بوادر الكارثة
بعد 3 ساعات و6 دقائق انقطع الاتصال الصوتي بالطائرة . في تلك اللحظة كانت الرحلة على بعد 565 كم قبالة ناتال . على الساحل الشمالي الشرقي للبرازيل . وخرجت من نطاق مراقبة رادار المحيط الأطلسي البرازيلي لتدخل المنطقة التي تسمى منطقة الاتصالات الميتة في الساعة 01:49 .
في الساعة 02:06 وداخل الطائرة ، حذر الطيار طاقم الطائرة من أنهم على وشك الدخول إلى منطقة خطيرة ومضطربة جويا . وبالفعل بعد دقيقتين تقريبا من تحذير الطيار. سجل مسجل الصوت في قمرة القيادة (CVR) أصواتًا تشبه حبات البَرَد وهي تضرب بدن الطائرة . هنا دخلت الرحلة منحى خيطر حيث بدأت بلورات البرد تتراكم في أنابيب البيتوت . مهمة هذه الانابيب الموجودة في أسفل مقدمة الطائرة هي قياس سرعة الطائرة في الجو و ضرورية للحفاظ على السيطرة على الطائرة . بدأت الانابيب البيتوت تتجمد ثم تعطلت .
في الساعة 02:10 ، أي بعد حوالي أربع ساعات وعشر دقائق من الرحلة واجهت الطائرة مشكلة تسمى stall و هي مقدمة الطائرة تصعد للأعلى بشكل حاد .
لتكون النتيجة انفصال الطيار الآلي للطائرة ، الكابتن الاساسي للطائرة دوبوا ، واثناء وقوع الحادث كان في استراحة ، ليتولى الكابتن الثانوي بونين مع الكابتن روبرت التحكم اليدوي في الطائرة . بسبب تضارب قراءات السرعة الجوية ، بدأت أجهزة الكمبيوتر في قمرة القيادة تعطي بيانات خاطئة ومشوشة
فقدان بيانات السرعة الجوية الدقيقة جعل الطيار ومساعديه في موقف صعب الامر كأن تركب في سيارة وكل النوافذ والزجاج الامامي سوداء والعداد لا يعلم فلا أنت تعلم أين أنت بالضبط ولا أنت تعلم سرعتك وارتفاعك وتوازنك . ولكن هذه سيارة بل طائرة قيمتها ملايين الدولارات على ارفاع 35000 قدم ، وعليها أكثر من 200 نفس بشرية . دخل الطيار والطاقم في حالة هلع بسبب كثرة التحذيرات وتنبيهات التي تصدرها الاجهزة في قمرة القيادة .
متحول جنسي يفوز بلقب ملكة جمال نساء أمريكا
ورغم جهود الطاقم لاستعادة السيطرة، واصلت الطائرة الصعود. وازدادت زاوية الصعود حدة وقوة، وفي لحظة بدأت سرعة الطائرة تنخفض بشكل خطير لدرجة أنه في لحظة انخفضت السرعة من 507 كم/ساعة الى 96 كم/ساعة . ودون علم الطاقم بسبب عدم وجود أي بيانات أو مؤشرات . كانت الطائرة تقترب بسرعة من التوقف وهي حالة ميكانيكية تفقد فيها الأجنحة قوة الرفع بسبب عدم كفاية السرعة الجوية . في الساعة 02:11 توقفت الطائرة، وهي الآن على ارتفاع 38 ألف قدم (11600 متر). ليصيح صاح بونين، “لم يعد لدي سيطرة على الطائرة الآن”.
تم تشغيل المحركات بنسبة 100٪ تقريبًا ، ومع انخفاض الطائرة إلى10668 م . توقفت تحذيرات التوقف . فقد كانت مقدمة الطائرة فوق الأفق ، لكنها كانت تهوي بشكل حاد . كان الجميع في الطائرة طاقم وركاب يحسون بأن هذه هي اللحظات الأخيرة لهم البعض بدأ يودع عائلته والبعض بدأ يقرأ ايات من الكتاب المقدس والطقال يبكون ، فقد كانت الطائرة تتعرض لسقوط حر حرفيا وتهوي باتجاه المحيط بمعدل في الدقيقة (3000 متر في الدقيقة أي ثلاث كيلومترات ) .
أطلق نظام الاستشعار تحذير الاقتراب من الأرض ، محذرًا الطاقم من اصطدام الطائرة الوشيك بالمحيط ، وكان أخر تسجيل صوتي قبل التحطم هو للكابتن دوبوا في الساعة 02:14 يقول فيه “(ten) degrees of pitch position.”
لك أن تتخيل أن كل هذه الاحداث وتفاصيل أخرى حدثت في غضون حوالي 10 الى 15 دقيقة فقط منذ تحذير الطيار للطاقم والركاب ، كل جهودهم لاستعادة السيطرة على الطائرة فشلت ليصطدموا بسرعة وبشكل عنيف بسطح المحيط الأطلسي، اصطدم بطن الطائرة اولا بالمحيط بسرعة 282 كم/ساعة وتوفي جميع الركاب وأفراد الطاقم البالغ عددهم 228 شخصًا على متن الطائرة متأثرين بصدمات شديدة .
بداية البحث عن الرحلة الفرنسية 447
بعد الحادث تم إطلاق عملية بحث واسعة النطاق لتحديد موقع حطام الرحلة الفرنسية الرحلة 447 ومحاولة العثور على أهم شيء “الصناديق السوداء” التي تحتوي على معلومات مهمة حول الرحلة. شاركت العديد من الدول في عملية البحث منها أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ، كانت منطقة البحث واسعة جدا وتغطي آلاف الكيلومترات المربعة من المحيط والاف العمال وفرق الانقاذ . لم يتوقف البحث ابدا ، واستمر لمدة سنتين متواصلتين من البحث المرهق لكل شبر من المنطقة المعلومة من المحيط الاطلسي ، بعد سنتين من الحادثة تم تحديد موقع حطام الرحلة 447 في قاع المحيط ، على عمق حوالي 3900 متر (12800 قدم) , لأكثر من عامين ، ظل اختفاء الرحلة الفرنسية 447 فوق وسط المحيط الأطلسي ، أحد أكبر ألغاز الطيران . فكيف يمكن لطائرة حديثة من الناحية التكنولوجية أن تختفي بهذه البساطة ولا ترصدها الرادارات ؟
في ماي 2011 ، وبعد العثور على الصندوق الاسود تم استعادة تسجيلات و بيانات الرحلة أخيرًا ، ليبدأ التحقيق في أغرب حادثة جوية في الالفية الجديدة ، كشف التحقيق أن السبب الرئيسي لتحطم الطائرة هو فقدان بيانات السرعة الجوية الدقيقة بسبب خلل في أنابيب البيتوت ، الامر الذي أدى بدوره الى حدوث ارتباك في قمرة القيادة بين الطيارين ، وبالتالي اتخاذهم لقرارات خاطئة فاقمت المشكلة بدلاً من تصحيحها .
أحد أهم الاشياء التي كشفت عنها تسجيلات الصندوق الاسود هو أن كابتن الرحلة دوبوا لم يقم بأي محاولة فعلية للسيطرة على الطائرة . فقد كان يجلس خلف الطيارين الآخرين وترك لهم المهمة بكاملها لاستعادة السيطرة على الطائرة في حين أنه كان فقط يقوم بالمراقبة وإصدار أوامره من المقعد الخلفي . ولكن من مقعده ، لا يستطيع أن يستنتج سبب تصرف الطائرة بذلك الشكل الخطير . لكن المعلومة المفقودة الحاسمة والحاسمة هي : حقيقة أن شخصً ما كان يمسك بعناصر التحكم طوال الوقت تقريبًا . لم يخبر أحد دوبوا بهذا الامر ، ولم يفكر حتى في أن يسأل . كانو يتناقشون حول الموقف الموقف دون أي إشارة إلى فهم طبيعة مشكلتهم .
الصادم هو أن لا أحد منهم يذكر كلمة stalls وهي الحالة التي تكون فيها مقدمة الطائرة اعلى من افق الحدث . فبينما تتعرض الطائرة لمطبات جوية ، يأمر القبطان بونين على تعديل الأجنحة – وهي نصيحة ليس لها اي قيمة لمعالجة مشكلتهم الرئيسية . وصل بهم الأمر الى نقاش وجدال داخل القمرة عما إذا كانوا في الواقع يصعدون أم ينزلون ، قبل أن يتفقوا على أنهم ينزلون .
تفاصيل تحقيق التحطم
كشف التحقيق في حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الفرنسية الرحلة 447 عن مجموعة من العوامل التي ساهمت في وقوع المأساة أهمها أربعة :
1. **عطل في أنبوب بيتوت:** كان السبب الرئيسي للحادث هو خلل في أنابيب بيتوت التي أدت إلى فقدان البيانات الدقيقة للسرعة الجوية .
2. **الارتباك والخطأ:** عدم قدرة الطاقم على إدارة مشكلة فقدان بيانات السرعة الجوية ، اضافة الارتباك والقرارات الغير الصحيحة لتحذيرات stall ، ساهم في سقوط حر مميت للطائرة
3. **ضعف تدريب الطيارين لحالة stall على ارتفاعات عالية :** حيث تم اكتشاف أن الطاقم لم يتلق تدريبًا محددًا حول كيفية التعافي من حالة ارتفاع مقدمة الطائرة على ارتفاعات عالية ، وشعف التدريب كان حاسما في فشل استعادة السيطرة .
4. **تصميم قمرة القيادة المعقد :** أثار التحقيق المعمق للرحلة 447 تساؤلات حول مدى تعقيد شاشات عرض قمرة القيادة لطائرة Airbus A330 والتحديات التي يواجهها الطاقم في تفسير الاشارات والتنبيهات وأعطال الأنظمة المتعددة وبالتالي البطء في الاستجابة لها بسرعة .
أدت الحادثة إلى تغييرات جذرية كبيرة في صناعة الطيران العالمية . حيث أعادت شركة إيرباص تصميم أنابيب البيتوت في طائراتها لمنع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل . . وأعادت تصيميم كامل لشاشات عرض قمرة القيادة .
تحطم رحلة الخطوط الجوية الفرنسية 447 أدى إلى حدوث تغييرات كبيرة في صناعة الطيران العالمية وكان المعني الاول بهذا الامر هو شرطة ايرباص وتركزت التعديلات في ثلاث نقاط اساسية :
أولا أعادت شركة إيرباص تصميم أنابيب بيتوت في طائراتها لتمنع تأثير الطقس الخارجي عليها ، ثانيا ركزت ايرباص ومعها غالبية شركات الطيران العالمية على رفع ميزانياتها لتدريب الطيارين على كيفية التعامل مع stalls على ارتفاعات عالية ، وهو عامل حاسم في الفشل في استعادة السيطرة ، والنقطة الثالثة اعادة تصميم وتحسين قمرة القيادة لتبسيط شاشات العرض لمنتع أي تعقيد أو ارتباك في حالات الطوارئ
سببت الحادثة وفاة 228 شخصًا ولم ينج منهم أي أحد ، كان الركاب من 32 دولة مختلفة . وتركوا عائلاتهم وأحبائهم في حالة حزن وصدمة بعضهم مازال يعني منها الى اليوم ، أقيم نصب تذكارية في جميع أنحاء العالم لتكريم الأرواح التي فقدت في الحادثة المأساوية . وإلى اليوم تلقب هذه الرحلة ب تيتانيك السماء كونها تحمل غموض وأسرار كالتي تحملها سفينة تيتانيك الاسطورية