في الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 بوجه مذهول وشاحب وكأنه يرى ملك الموت , في لقطة درامية وكأنها محبوكة باحترافية من فيلم , يجلس الرئيس الامريكي السابق جورج بوش في مدرسة إيما إي بوكر الابتدائية في ساراسوتا ، فلوريدا . حين يأتي اليه رئيس الأركان أندرو كارد و وانحنى إليه وهمس في أذنه “ضربت طائرة ثانية مركز التجارة العالمي، وأمريكا تتعرض للهجوم”.
قد تكون هذه اللقطة أيقونية من ذكريات أحداث 11 سبتمبر المروعة والتي نسبت الى أسامة بن لادن , ليصبح هذا الاسم بين ليلة وضحاها الأكثر شهرة في العالم , ومنذ ذلك اليوم بدأت أضخم عملية بحث عن متهم في العالم , البحث عن اسامة بن لادن , استمرت العملية أكثر من 10 سنوات صرفت فيها مليارات الدولارات وفي 2 ماي 2011 أعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما في خطاب زلزل العالم عن قتل اسامة بن لادن من قبل قوات العمليات الخاصة الأمريكية خلال غارة عسكرية على منزله في أبوت آباد ، باكستان ، حيث كان يختبئ هو وبعض أفراد عائلته .
وبعد التعرف على جثته ، وفي نفس اليوم أحضره الجيش على متن السفينة يو إس إس كارل فينسون وتم دفنه في شمال بحر العرب . وعلى نقيض المتعارف عليه تاريخيا لم تنشر الولايات المتحدة الامريكية أي صورة أو فيديو يثبت عملية قتل المطلوب الاول في عالم أو حتى إثبات عملية دفنه , الامر الذي سبب وما مازال شك لملايين الناس وطرحت الكثير من الاسئلة عن حقيقة قتل اسامة بن لادن بل والسؤال الأكبر كان هو أين هي جثة اسامة بن لادن
بعد حادث 11 سبتمبر أطلقت أمريكا أكبر عملية مطاردة لأخطر شخصية مطلوبة في العالم عملية القبض على أسامة بن لادن , هذه العملية استمرت لأكثر من عشر سنوات بدون توقف قامت خلالها أمريكا بعمليات جمع المعلومات الاستخبارية والتجسس والتخطيط بالتعاون مع أجهزة مخابرات دول كبرى كبريطانيا وألمانيا وفرنسا .
في غشت 2010 تواصل ضابط مخابرات باكستاني سابق مع المخابرات الأمريكية عن طريق السفارة الأمريكية في إسلام أباد بهدف أمر عاجل وطارئ ، لم يكن أي أحد يتوقع ما حدث ، فبعج الجلوس معه والاستماع إليه عرض عليهم الكشف عن مكان أسامة بن لادن السري مقابل حصوله على مكافأة ، كانت المكافأة التي طلبها 25 مليون دولار كاش . الضابط الباكستاني أخبر سي اي ايه معلومات تفيد عثور المخابرات الباكستانية على ابن لادن في عام 2006 ، حيث تم ووضعه ، رهن الإقامة الجبرية في منطقة مجمع قريب من مراكز للمخابرات والجيش الباكستاني . هذا المجمع الواقع في حي راقي وثري نسبيا اثار الكثير من الشكوك والاسئلة بسبب أسواره العالية وإجراءاته الأمنية المشددة وانعدام تواصل من يقطنون داخله مع العالم الخارجي .
في البداية اعتقدوا بأن هذا الشخص لربما يكذب أو يتلاعب بهم ، ولكن في ذات الوقت أعطوه فرصة لاثبات صحة كلامه ، تم عرضه أولا على جهاز كشف الكذب فاجتاز الاختبار بنجاح ، لتبدأ أمريكا وحلفائها عملية مراقبة على مدار الساعة لمقر إقامة بن لادن المفترض في أبوت آباد باستخدام مختلف التقنيات ، بما فيها الأقمار الصناعية
تمكنت وكالة الاستخبارات وبمساعدة من جواسيسها المنتشرين في باكستان من مراقبة المجمع على مدار الساعة ليثبت أن أسامة بن لادن يختبئ في هذا المجمع مع عائلته وهنا بدأ العداد العكسي .
في ليلة صافية في ابوت اباد باكستان 2 ماي 2011 الساعة الحادية عشرة وعشر دقائق مساءً . في غرفة نوم في الطابق الثاني , تجلس أمل أحمد عبد الفتاح ، امرأة يمنية ذات 29 عاماً مع طفلها حسين ذو ثلاث سنوات وفي جانبها يجلس زوجها أسامة بن لادن . الرجل الذي حرفيا تبحث عنه مخابرات العالم , وعلى بعد حوالي 250 كيلومترا ، في قاعدة جوية أمريكية في مدينة جلال آباد شرقي أفغانستان ، تم تشغيل محرك طائرتي هليكوبتر من طراز بلاك هوك المضادتين للرادار والمزودتين بتكنولوجيا كاتم للصوت لتعلن عن بدأ عملية سميت برمح نبتون بقيادة فريق من قوات البحرية الأمريكية اسمه SEAL Team Six.
بين 11:15 و11:30 مساء وتحت جنح الظلام حلقتين طائرتي بلاك هوك على متنها 25 من قوات البحرية و برفقتها طائرتين من طراز شينوك على ارتفاع منخفض ، ودخلت المجال الجوي الباكستاني في منطقة خيبر القبلية نحو أبوت آباد .
وبعد حوالي ساعة وعشر دقائق من مغادرة جلال أباد ، وصلت المروحيات الأمريكية إلى المجمع الواقع في حي نوان شهر في أبوت آباد . قام قوات البحرية بإنزال الحبال إلى الشارع بالأسفل خارج المجمع . اتجهت قوة المباني السكنية ، في حين القوة الاخرى شكلت طوقًا حول المجمع.
بعد انزال جنودها بعد حوالي عشر دقائق من بدء العملية ، واجهت احدى طائرات بلاك هوك عطل غير متوقع تسبب بسقوطها بشكل عنيف على منطقة المجمع , كانت الحادثة كفيلة ان تسبب فشل العملية ولكن بمعجزة ، استمرت الغارة بسلام .
في الجهة المقابلة وداخل غرفتهما الضيقة بالطابق الثاني في المجمع ، وفي أولى دقائق الليلة الأولى من شهر ماي يسمع أسامة بن لادن و زوجته اليمنية أمل صوت غريب , اعتقدا في البداية أنه صوت عاصفة في الخارج . ذهبا للشرفة ليتأكد من الصوت ، ولكن كان الظلام دامسا كانت ليلة بلا قمر , ارادت زوجته إطفاء الاضواء ولكنه رفض .
تفطن اسامة الى ما يحدث ,وعرف أن الصوت هو لمروحيات أمريكية قادمة من أجل رأسه فأخبر زوجاته وأطفاله بالمغادرة فورا . اخترقت القوات الخاصة جدران المجمع واشتبكت في تبادل لإطلاق النار مع حراس بن لادن . كانت العملية سريعة ودقيقة جدا . في غضون دقائق وصل جنود لغرفة أسامة وتم إطلاق النار عليه في جبهته فوق عينه اليسرى ، سقط على الارض والدم يتدفق إلى الوراء فوق رأسه . واستمرت الغارة حوالي 40 دقيقة قتل فيها ثلاثة رجال آخرين ، من بينهم أحد أبناء بن لادن ، وامرأة . قامت القوات الخاصة بجمع مجموعة من المواد الاستخباراتية من المجمع ، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر والأقراص الصلبة والصور والوثائق وغادروا المكان نحو افغانسان ومعهم جثة أسامة بن لادن للتعرف عليها ,
في تمام الساعة 7:01 مساءً – تلقى الرئيس الامريكي باراك أوباما معلومات استخباراتية إضافية تفيد بأن الجثة التي قُتلت في الغارة هي على الأرجح جثة بن لادن . ليخرج في الساعة 11:35 مساءً بخطاب يخاطب الى الامة الامريكية والعالم في واحد من أشهر التصريحات المثيرة للجدل في التاريخ الحديث وهو يعلن عن مقتل اسامة بن لادن الرجل المفترض أنه خلف أحداث 11 سبتمبر
بعد التأكد القطعي من هويته تم تغسيله وتكفينه على الطريقة الاسلامية , مراسم جنازة بن لادن جرت على متن حاملة طائرات كبيرة تابعة للبحرية مع الآلاف من أفراد الطاقم ، سافروا لاكثر من 1370 كم متوجهين نحو بحر العرب ، هناك وفي تمام الساعة 12:59 صباحًا تم دفنه في عرض البحر بدون صور أو فيديوهات أو حتى دليل واحد يثبت أي شيء مما سبق .
كانت الولايات المتحدة الامريكية تتوقع أن يتقبل الجميع الرواية التي قدمتها بشأن مقتل أسامة بن لادن ومكان دفنه , وهذا صحيح نسبيا في بادئ الأمر كانت الاصوات التي تعارض الرواية الامريكية أو تشك فيها قليلة جدا الى منعدمة خصوصا بعدما خرج تنظيم القاعدة
وأكد مقتل زعيمه بن لادن في 6 ماي2011 من خلال منشورات على مواقع القاعدة على الانترنت بل وتعهدت بالانتقام لمقتله
مع مرور الوقت بدأ الناس يستيقظون من غمار النشوة التي كانت تنتابهم أثناء سماعهم الخبر وبدأت عقولهم تشتغل والشك بلغ ذروته ,وبصراحة إذا حللنا العملية وتفاصيلها فهي فعلا مثيرة للريبة والشك , قد تجعلك تتسائل هل فعلا قتل أسامة بن لادن أم أنه اختطف وهو الان في سجن من سجون أمريكا السرية ؟
السرية التي أضفتها أمريكا على قصة قتل ودفن أسامة بن لادن وكاسها لكل الادلة اذا كان هناك أدلة جعل الملايين من الناس حول العالم يؤمنون بأن أحداث 11 سبتمبر يستحيل أن يكون ورائها أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة بل هي عملية داخلية مخطط لها باحكام , بل وانتشرت الكثير من الفرضيات المختلفة وبعضها غريب حول مقتل أسامة بن لادن
هناك فرضية مجنونة وقد تكون حقيقية تقول بأن أسامة بن لادن قد تكون ألقته عليه أمريكا القبض بعد الغارة الجوية على تورا بورا ، أو أنه توفي بسبب فشل كلوي قبل عام 2011 بزمن طويل ثم جمدت جثته واحتفضت به في النيتروجين المسيل لانتظار الوقت المناسب لإعلان النصر وايضا استخدامها كأداة دعائية في وقت مناسب سياسيًا في المستقبل ، تم طرح هذه الفكرة لاول مرة في برنامج روسيا اليوم، من قبل المذيع الإذاعي أليكس جونز الذي ادعى أنه في عام 2002 أخبره مصدر مجهول في البيت الأبيض أن بن لادن “مجمد في النيتروجين المسيل ، وسيتم إظهاره في المستقبل في وقت ما”
الفرضية الثالثة تقول أن أمريكا قبضت على بن لادن قبل عام 2011 بفترة طويلة واحتجزته منذ ذلك الوقت الى أن أعدمته في النهاية في شكل فيلم هوليوودي على أنها غارة متقنة من كافة الجوانب ونشر بروباغاندا للعالم على أنها نصر ضد الارهاب ، قامت إدارة أوباما بتطبيق هذه الخطة من أجل ضمان الفوز في الانتخابات من جهة وخوفا من أن يحاكم اسامة بن لادن على أراضيها ومواجهة هيئة محلفين معلقة أو قد تؤدي إلى تبرئته من جهة أخرى ، وعليه تم إعدامه وتمثيل تلك المسرحية لتنهي الموضوع من الاساس ورمي جثته في البحر لتغلق كافة أبواب الاسئلة .
الفرضية الثالثة تقول أن أسامة بن لادن توفي في ديسمبر 2001 ، حيث كان بن لادن يعاني من متلازمة مارفان ، وهي طفرة جينية تؤثر على البروتينات التي تحافظ على تماسك أنسجة الجسم . وفقا للمسؤول السابق في وزارة الخارجية الدكتور ستيف ر. بيكزينيك ، بدا بن لادن وكأنه حالة نموذجية لهذه المتلازمة . أظهر هيكله الطويل وأطرافه الطويلة ووجهه الطويل أعراضًا كلاسيكية متلازمة مارفان .
يؤثر هذا المرض على واحد من بين كل 5000 شخص تقريبا ويمكن أن يسبب الموت المفاجئ ، ولا يمكن الكشف عنه باختبار للحمض النووي . وبدلاً من ذلك ، يبدأ الأطباء بالحكم على المظهر الخارجي للشخص المشتبه في إصابته بـ “المارفانويد” – وهو شخص نحيف وغالبًا ما يكون نحيفًا ، وأحيانًا بأصابع عنكبوتية عمود فقري منحني . وادعى بيكزينيك أن أطباء وكالة المخابرات المركزية عالجوا أسامة بن لادن من مارفان ، وتوفي بعد أشهر قليلة من هجمات 11 سبتمبر 2001.
رغم مرور أكثر من 14 سنة على عملية قتل أسامة بن لادن الا أنه لا يزال أحد أكثر المواضيع الشائكة والتي يدور حولها غموض واسئلة كثيرة وثقيلة جدا والجوبة كلها في البيت الابيض , وواحد من هذه الاسئلة مثلا لماذا لم يتم تصوير قتل أسامة بن لادن بالفيديو ولماذا تم رمي جثته في البحر , هذا السؤال سأخصص له حلقة كاملة انتظروه