كتاب “إسرائيل: البداية والنهاية” للدكتور مصطفى محمود قد يكون واحد من أخطر الكتب العربية في مواجهة الفكر الصهيوني الاسرائيلي , الكتاب يستعرض فيه المؤلف جوانب متعددة من الصراع العربي الإسرائيلي ، محاولاً تحليل تاريخ وأيديولوجية الدولة الإسرائيلية من منظور ديني، سياسي، وتاريخي . مصطفى محمود، الذي عرف بكتاباته الفلسفية والدينية العميقة، يقدم في هذا الكتاب رؤيته الخاصة للصراع، مستنداً إلى مصادر دينية وتاريخية متنوعة.
الأسس الفكرية والروحانية للصهيونية
يبدأ مصطفى محمود كتابه “إسرائيل: البداية والنهاية” بمناقشة الأسس الفكرية والروحانية التي قامت عليها الحركة الصهيونية. يسلط الضوء على الأيديولوجية التي دعت إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين، مستعرضاً الجوانب الدينية التي تستند إليها هذه الحركة، مثل فكرة “الشعب المختار” و”أرض الميعاد”. يشير المؤلف إلى أن هذه الأفكار لعبت دوراً كبيراً في تشكيل العقلية الصهيونية ودفعها لتحقيق أهدافها السياسية.
من وعد بلفور إلى قيام إسرائيل
يمضي مصطفى محمود في كتابه “إسرائيل: البداية والنهاية” إلى تحليل الأحداث التاريخية التي أدت إلى قيام دولة إسرائيل. يبدأ بتفسير دور وعد بلفور عام 1917، والذي منح اليهود حق إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. يستعرض المؤلف الأحداث التي تلت ذلك، مثل الانتداب البريطاني على فلسطين، وتزايد الهجرة اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية، وصولاً إلى قرار تقسيم فلسطين عام 1947 وقيام دولة إسرائيل في 1948.
يركز المؤلف على التواطؤ الدولي، خاصة من قبل القوى الكبرى، في دعم المشروع الصهيوني على حساب الحقوق العربية والفلسطينية. يرى مصطفى محمود أن هذا الدعم لم يكن فقط بدافع سياسي أو استراتيجي، بل كان له أبعاد دينية وأيديولوجية عميقة.
إسرائيل بين التوراة والقرآن
يخصص المؤلف جزءاً كبيراً من كتابه “إسرائيل: البداية والنهاية” لمناقشة التفسيرات الدينية المتباينة بين التوراة والقرآن بشأن أرض فلسطين. يحاول مصطفى محمود أن يفند الادعاءات الصهيونية باستخدام النصوص الدينية، مستشهداً بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تتحدث عن وعد الله لبني إسرائيل وأهمية أرض فلسطين بالنسبة للمسلمين.
يركز مصطفى محمود على فكرة أن وعود الله لبني إسرائيل كانت مشروطة بالتزامهم بتعاليمه، وأنهم عندما خالفوا هذه التعاليم، سقطت عنهم هذه الوعود. يحاول المؤلف بذلك أن يثبت أن الادعاءات الصهيونية بأحقيتهم في أرض فلسطين ليس لها أساس ديني متين، وإنما هي استغلال سياسي للدين لتحقيق أهداف استعمارية.
النهاية المحتومة لإسرائيل
في الجزء الأخير كتاب “إسرائيل: البداية والنهاية” ، يناقش مصطفى محمود مستقبل دولة إسرائيل من خلال رؤيته الخاصة. يتنبأ المؤلف بزوال إسرائيل كدولة، معتمداً على تحليل ديني وسياسي. يرى أن الظلم الذي قامت عليه إسرائيل، واستمرارها في اضطهاد الشعب الفلسطيني، سيؤديان في نهاية المطاف إلى انهيارها. يستند المؤلف في توقعاته إلى نصوص دينية وإلى تحليلات واقعية تتعلق بالتحولات السياسية والاجتماعية في المنطقة.
يشير مصطفى محمود في كتاب “إسرائيل: البداية والنهاية” إلى أن نهاية إسرائيل قد تكون نتيجة لصراع داخلي أو خارجي، ولكنه يؤكد أن العدالة الإلهية ستتحقق في النهاية، وأن الحق الفلسطيني سيعود لأصحابه مهما طال الزمن.
دعوة للتأمل والتفكير
ينهي مصطفى محمود كتابه “إسرائيل: البداية والنهاية” بدعوة القراء للتأمل والتفكير في الأحداث التاريخية والوقائع الجارية، مشدداً على أهمية فهم أبعاد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من جميع جوانبه، الدينية، السياسية، والتاريخية. يرى أن هذا الفهم هو السبيل الوحيد للوصول إلى حل عادل ودائم للصراع.
“إسرائيل: البداية والنهاية” ليس مجرد كتاب تاريخي أو سياسي؛ إنه محاولة لفهم الصراع من منظور أعمق وأكثر شمولاً. يقدم مصطفى محمود رؤية نقدية ومتفائلة في آنٍ واحد، مشيراً إلى أن الحق لا بد أن ينتصر في النهاية، وأن الظلم مهما طال أمده لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.
يظل هذا الكتاب واحداً من الأعمال الهامة التي تناولت الصراع العربي الإسرائيلي من منظور شامل، ويعكس بوضوح فكر مصطفى محمود الفلسفي والديني العميق.
مقالة أخرى كتاب “التطهير العرقي في فلسطين” للكاتب والمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه
تحميل