هو أبو النصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان . وهو فارسي الأصل ، وبلده وسيج بمقاطعة فاراب وهو بلد تركي في خرسان. وهو من مواليد 260 ه . كان الفارابي ناطورا في بستان في دمشق وكان دائم الانشغال بالفلسفة وكان فقيرا ويستضيء في الليل بقنديل الحارس .

يعد الفارابي احد أهم الفلاسفة المسلمين وقد شرع في قراءة الأعمال الفلسفية والعلمية في مكتبة أوترار. التي كانت واحدة من أهم المكتبات في العالم بعد مكتبة الإسكندرية الأسطورية من حيث عدد الكتب والنسخ التي تتوفر عليها المكتبة ، ثم درس وعمل في بخارى بسمرقند،
رحل الفارابي في صباه من مسقط رأسه الى بغداد والتي كانت مركز الحضارة والعلم في عهد العباسيين. فتعلم بها ويجدر الذكر أنّ التراث الفلسفي الأرسطي غذى فكر الفارابي الفلسفي أثناء إقامته في بغداد وتلقيه العلم فيها. ثم التحق بحاشية الأمير سيف الدولة أمير حلب وكان سبب انتقاله فتنة حدثت في بغداد . وتوفي في سياحة من حلب الى دمشق في الثمانين من عمره في رجب سنة 339ه و ديسمبر 950 م.
حياته
لا نعرف الكثير عن حياة الفارابي وذلك بسبب الخلاف القائم بين المؤرخين حول أصله العرقي . والمؤكد هو انتقاله من آسيا الوسطى إلى بغداد التي قضى بها معظم حياته وكتب فيها جُلّ أعماله. كما درس في بيزنطة لاهتمامه باللغة والفكر اليوناني، وكرّس حياته المهنية في التدريس والكتابة. وجاء في سيرته الذاتية أنه درس الطب والمنطق وعلم الاجتماع ليحلل كتابات أرسطو. كما درس أيضًا في تطوان بالمغرب، ومن أساتذته ابن حيلان النسطوري الذي كان من رجال الدين في بغداد.

الفلسفة عند الفارابي
يعد الفارابي المعلم الثاني للفلسفة بعد أرسطو، واكتسب وقد حصل على لقب المعلم الثاني لأنه كان أحد مؤسسي الفلسفة المشائية في الشرق. ذلك بسبب اطلاعه الواسع على كتب أرسطو وأفلاطون وغيرهم من الفلاسفة القدماء بلغتهم الأصلية. فقد كان مهتمًا بكلًا من الفلسفة والمنطق.
ان الفارابي يعتبر مؤسس الفلسفة في الإسلام على الرغم من وجود الكثير من من سبقوه للفلسفة كالرازي والكندي. فقد أصبح أول فيلسوف في عصره يحظى باحترام غير مشروط. مما جعل ابن سينا وابن ميمون وابن رشد يطلعون على مؤلفاته ويثنون عليه في كتبهم. وقد ترك العديد من المقالات في كل من: الفلسفة، والطب، والرياضيات، والمنطق، والسياسة، والموسيقى، وبذلك استحق لقب المعلم الثاني من خلال إسهاماته الفلسفية والعلمية.
آثاره
ترك الفارابي تراثًا علميًا ضخمًا يصل الى 200 رسالة في فروع متنوعة من المعرفة. فقد علق على العديد من مؤلفات أرسطو مثل: التأويلات، والموضوعات، والتحليلات بجزأيها الأول والثاني، والتفنيد السفسطائي. والأورغانون، بالإضافة إلى أعمال أخرى لمفكرين وفلاسفة قدامى.
مقالة ذات صلة: الحاجب المنصور الرجل الذي فرحت كل أوروبا بموته
ان أشهر أعمال الفارابي: لآلئ الحكمة، وأفكار مواطني المدينة الفاضلة، والرسائل الفلسفية، والكتاب الكبير في الموسيقى، وقد تُرجمت أعماله إلى اللاتينية والعبرية في العصور الوسطى في أوروبا وتحديدًا في القرنين 12 و13 م. ونُشرت ترجمة الجزء الأول من الكتاب الكبير في الموسيقى إلى الفرنسية من قِبل العالم الفرنسي إرلانجن في 1930-1932، وهذا الكتاب يعد أهم كتاب في الموسيقي من العصور الوسطى في الأراضي الإسلامية. والذي كان أيضًا يتضمن أقسامًا فلسفية متطورة.
تأثير مؤلفات الفرابي
لعبت مؤلفات الفارابي دورًا هامًا في ربط الثقافات والفلسفات الشرقية والغربية معًا في عصر النهضة الأوروبية. ليستحق على إثر ذلك أن يُخلد اسمه في تاريخ العلوم والثقافة العالمية. ويرى الفارابي أنّ الفيلسوف يجب أن يحكم الدولة بصفته أكمل نوع من البشر، وأنّ المرجع الأساسي للاضطرابات السياسية هو فصل الفيلسوف عن الحكومة، لذلك كان الجزء الأكبر من كتاباته موجهًا إلى مشكلة التنظيم الصحيح للدولة. بينما كان نظام الفارابي في باقي مؤلفاته في الفروع الأخرى قائمًا على:

أولا المنطق:
كان الفارابي يسير على خطى أرسطو المنطقيةلكنه أضاف بعض العناصر غير الأرسطية في أعماله، وناقش أشكال الاستدلال غير الأرسطية، وموضوعات الوحدات المستقبلية، والعلاقة بين المنطق وقواعده، ويُنسب إليه تصنيف المنطق إلى مجموعتين منفصلتين هما؛ الفكرة والإثبات.
ثانيا الموسيقى:
بالإضافة إلى الكتاب الكبير في الموسيقى الذي يعدّ من أبرز مؤلفاته؛ والذي عرض فيه المبادئ الفلسفية للموسيقى، وصفاتها، وتأثيراتها، فقد كتب رسالة تناولت العلاج بالموسيقى، وناقشت الآثار العلاجية للموسيقى على الروح.
ثالثا الفيزياء:
فكر الفارابي في طبيعة وجود الفراغ، وكتب أطروحة قصيرة بعنوان في الفراغ، بعد أن أجرى التجارب المتعلقة بذلك، وكانت استنتاجه فيها أنّ حجم الهواء يمكن أن يتمدد لملء الفراغ المتاح.
رابعا الفلسفة:
يعد الفارابي صاحب مدرسة فلسفية خاصة به في الفكر الإسلامي المبكر والتي عرفت باسم الفارابية. وهي تنفصل عن فلسفة أفلاطون وأرسطو في كونها تنتقل من الميتافيزقيا إلى المنهجية، وكانت أعماله تهدف إلى تأليف الفلسفة والتصوف، مما مهد الطريق لعمل ابن سينا، وتعدّ المدينة الفاضلة من أبرز أعماله في الفلسفة.
خامسا علم النفس:
كتب الفارابي أطروحات في علم النفس الاجتماعي ومبادئ آراء مواطني المدينة الفاضلة، لتكون النواة الأولى للتعامل مع علم النفس الاجتماعي، وشرح أهمية مساعدة الآخرين للفرد في طريقه للكمال، فلا يمكن للإنسان الوصول إلى الكمال البشري دون مساعدة الآخرين له.
سادسا الوجود:
نظرية الصدور والفيض وهي أبرز ما يميز الفارابي فهو يميز بين نوعين من الموجودات: الموجود الممكن الوجود الموجود الواجب الوجود هنا موجودات ممكنة الوجود كثيرة، لكن موجود واحد واجب الوجود. الموجود الممكن الوجود: الموجود الذي متى فُرِض موجودا أو غير موجود لم يعرض منه محال. يعني وجوده أو عدم وجوده ليس هناك مايمنع ذلك. لكن إذا وجدت لابد لها من علة وكل الموجودات التي تحقق وجودها حوادث.
سابعا الايمان:
كان الفارابي يعتقد أن الحقيقة الطبيعية الفلسفية واحدة وليس هناك حقيقتان في موضوع واحد بل هناك حقيقة واحدة وهي التي كشف عنها أفلاطون وأرسطو، وبرأيه أن كل الفلسفات التي تقدم منظومة معرفية ينبغي أن تحذو حذو هما. ولكن بين أفلاطون وأرسطو تناقض أساسي وكان الفارابي يعتقد أن فلسفة أفلاطون هي عين فلسفة أرسطو ووضع كتاب (الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو) .
اقرأ أيضا : الكندي طبيب وكميائي وعالم وأول فلاسفة الاسلام