في عالم السينما الديستوبية، هناك عدد قليل من الأفلام التي تنجح في التقاط جوهر الصمود البشري والسعي نحو الأمل بشكل مؤثر مثل فيلم City of Ember. من إخراج جيل كينان ومقتبس من رواية جان دوبرو الصادرة عام 2003، يعد الفيلم استكشافًا مرئيًا مذهلًا وعاطفيًا ملحميًا لمجتمع على حافة الانهيار. تدور أحداث الفيلم في مدينة تحت الأرض صُممت لإيواء البشرية من حدث كارثي غير محدد، ويتعمق الفيلم في مواضيع مثل البقاء، الفساد، والرغبة البشرية التي لا تتزعزع في البحث عن النور في أكثر الأماكن ظلامًا. من خلال بناء عالمه المعقد، شخصياته الجذابة، وسرديته المُفكرة، يقف الفيلم كشهادة على قوة القصة في إضاءة الحالة البشرية.
City of Ember فرضية

تبدأ قصة City of Ember بفرضية مغرية: قبل قرنين من الزمن، قام “البناة” بإنشاء مدينة تحت الأرض لحماية البشرية من كارثة وشيكة. صُممت المدينة لاستيعاب الحياة لمدة 200 عام، وبعد ذلك كان على سكانها العودة إلى السطح. ومع مرور الوقت، ضاعت التعليمات الخاصة بمغادرة المدينة، وتحولت معرفة العالم الخارجي إلى أسطورة. الآن، أصبحت إمبر مدينة آيلة للسقوط، حيث تتهاوى بنيتها التحتية التي كانت متطورة في السابق، وتنفد إمدادات الطعام، وأضواؤها – التي تعمل بواسطة مولد ضخم – تومض بشكل مريب. المدينة تعيش حرفيًا ومجازيًا على وقتٍ مستقطع.
يبدأ الفيلم بإحساس بالتشاؤم، حيث تتحرك الكاميرا عبر شوارع إمبر المضاءة بشكل خافت، لتكشف عن مجتمع اعتاد على وجوده تحت الأرض. المواطنون، الذين يجهلون تاريخهم أو العالم فوقهم، يعيشون حياتهم في حالة من الرضا السلبي. قادة المدينة، وخاصة العمدة الفاسد كول (الذي يجسده بيل موراي)، يعززون هذا الجهل، حيث يخزنون الموارد ويقمعون أي معارضة. في خلفية هذا الاضمحلال والخداع، تبرز شخصيتا الفيلم الرئيسيتان، لينا مايفليت (سيرشا رونان) ودون هارو (هاري تريدواي)، كأبطال غير متوقعين.
لينا ودون: قلب القصة

لينا ودون هما مراهقان على أعتاب البلوغ، كل منهما يتصارع مع إحباطاته وطموحاته. لينا، الحالمة التي تميل إلى الاستكشاف، تتوق إلى شيء ما يتجاوز حدود إمبر. يتم تمثيل فضولها من خلال افتتانها بأنابيب المدينة القديمة، التي تعتقد أنها تخفي أسرارًا تنتظر الكشف عنها. من ناحية أخرى، دون هو شاب عملي ومصمم يقلقه بشدة تدهور حالة المدينة. فهو مقتنع بأن المولد، شريان الحياة في إمبر، على وشك الانهيار، وهو يائس لإيجاد طريقة لإصلاحه.
تتقاطع طريقهما في “يوم التكليف”، وهو حدث محوري في إمبر حيث يتم تعيين المراهقين في وظائفهم مدى الحياة. لينا، التي تحلم بأن تكون ساعية، يتم تكليفها بالعمل في الأنابيب، بينما دون، الذي يرغب في العمل على المولد، يتم تعيينه كساعي. من خلال اتفاق متبادل، يقومان بتبادل الوظائف، مما يمهد الطريق لمصيرهما المتشابك. هذا التبادل ليس مجرد أداة سردية؛ إنه يرمز إلى أهمية التعاون ودمج الأحلام والعملية في مواجهة الشدائد.
الخاتمة

City of Ember هو أكثر من مجرد مغامرة ديستوبية؛ إنها قصة خالدة عن الأمل، الصمود، والقوة الدائمة للروح البشرية. من خلال عالمها المُتخيل بغنى، شخصياتها الجذابة، وسرديتها المُفكرة، يدعو الفيلم المشاهدين إلى التفكير في أهمية الفضول، الشجاعة، والتعاون في مواجهة الشدائد. إنها قصة تتردد صدىً عميقًا في عالمنا الحالي، حيث تبدو تحديات التغير المناخي، الفساد السياسي، والرضا المجتمعي غالبًا غير قابلة للتغلب.
في النهاية، City of Ember هو تذكير بأنه حتى في أحلك الأوقات، هناك دائمًا بصيص من النور ينتظر أن يُكتشف. إنه شهادة على القوة الدائمة للأمل والرغبة البشرية التي لا تتزعزع في السعي نحو غدٍ أفضل. بينما تخطو لينا ودون إلى ضوء الشمس، نُترك مع إحساس بالتفاؤل، وإيمان بأنه بغض النظر عن مدى قسوة الظروف، ستجد الروح البشرية دائمًا طريقة للارتفاع فوق الظلام.