رواية مذكرات من البيت الميت وَاحِدَة مِن أَفْضَل أَعْمَال فيودور دوستويفسكي وهو روائي وكاتب قصص قصيرة وصحفي وفيلسوف روسي. وهو واحدٌ من أشهر الكُتاب والمؤلفين حول العالم. رواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس البشرية كما تقدم تحليلاً ثاقباً للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في القرن التاسع عشر، وتتعامل مع مجموعة متنوعة من المواضيع الفلسفية والدينية.

و تعد رواية مذكرات من البت الميت من أولى روايات أدب السجون في روسيا. والتي تصوِّر لنا ما عاشه دوستوفسكي من وحشية في السجن. الذي يتواجد فيه المجرم والبريئ. ووسط كلّ هذه القذارة والشرّ، يحاول دوستوفسكي الدفاع عن فكرة فريدة. تتمثل في ضرورة امتلاك الحرية الفردية هي التي تجعلنا نشعر حقا أننا بشرًا . هذا الاعتقاد جعل دوستويفسكي في صراع مباشر مع المثقَّفين الإشتراكيين والرَّاديكاليين.
تحكي رواية “مذكرات من البيت الميت” عن ذكريات أَلكسندر بتروفتش في السجن. حيث يقوم بوصف السجن وصفا دقيقا. جدرانه وأماكنه المظلمة وكل ما قد يخطر في بالك حتى تتمكن من تخيل المكان بالضبط. كما هو وتعيش معه حكايته بكل تفاصيلها كما يتطرق للحديث عن السجناء الذين عاشوا معه في السجن. واصفا المهن التي امتهنوها والتي قادتهم الى هذا المكان الفضيع كتَهْريب الخمور والرَّبَويَّة والسَرِقَات وحَتَّى المُقَامَرة. ويصِف أَلكسندر بتروفتش في رواية “مذكرات من البيت الميت”. تجربته الأُولى في السّجْن. التي كان لها دور كبير ليتعرف على الحقيقة المرة للحياة .
كما تطرق الى ما يعانيه السُّجَنَاء من تعْذيب نفْسي بسبب المعاملة السيئة التي يتلقونها من قبل الحراس. وكدا حلق رؤسهم بطريقة مهينة. في حين اعتبر الطعام مقبولا . كما يَتَنَاوَل أَلكسندر بتروفتش الحَديث عَن النَّظْرة الخَاطِئة تِجاه السُّجَناء. والرُّعْب الَّذي يُحْدِثُونه في النُّفوس. وخاصة أنهم يكرهون طبقة النبلاء التي ينتمي اليها “ألكسندر”. لكن في الحقيقة فان سجناء بشر ولن يؤذوك بدون سبب بل على العكس. فما يعيشه السجين من رعب قَبْل تَنفيذ الحُكْم عَلَيه يفسر حالته بعد ما ينال حريته.
في الفصل الثاني مِن رِوَايَة مذكرات من البيت الميت يَصِف ألكسندر بتروفتش حياته في مُستَشفى السجن. والَّذي ذَهَبَ إليه بَعد عيد الميلاد بِفَترة قَصيرة حيث وجده نَظيفًا نوعا ما بالمقارنة مع قذارت السجن. لكن في آن نفسه وجد ان ملابس المرضى السجناء تنبعث منها راَّئحة كَريهة. كما انهم وبالرغم من مرضهم يبقون مربوطين بالسَّلاسِل. لكن بالرغم من ذلك فان السجين يدعي المرض ليبقى أَطول فَترة مُمكِنة داخل المُستَشفى.

خِلال رقود ألكسندر بتروفتش في المُستَشفى ورؤيته لمَن نفذ فيهِم حكم الجَلد حاول تصور حَالتِهم النفسية. ودراسَة السجناء الذين كانوا يطلبون خروجهم من المستَشفى بَعد أن مكثوا فيه زمنا لمعالَجة ظهورهم. لإنزال باقي العقوبة فيهم ويتحدث عن الجلادين وأنواعهم.
مقالة ذات صلة: كتب محظورة. قائمة ل 10 كتب ممنوعة { الجزء الثاني }.
ويصف ألكسندر بيتروفتش في رواية مذكرات من البيت الميت شعوره بالخزي والعار من الأغلال. التي تكبله وكيف أن الناس يتحاشون ويخشون من السجناء عندما يخرجونهم في المناسبات. وفي المقابل وصف نظرة السجناء الى العامة الذين ينظرون إلى البسطاء والسذج نظرتهم إلى أناس حمقى أغبياء وكانوا لا يحملون لهم إلا الازدراء والاحتقار.
كما تطرق الى حالة العِصيان التي حدثت داخل السجن من معظم السجناء. والتي حاول الميجر قمعها بأي ثمن الشيء الذي تسبب لهذا الأخير بالمتاعب حيث اجبر على الاستقالة بعد أن أحيل إلى المحاكمة. وبعد رحيله أعيد تَنظيم السّجن تَنظيمًا جَديدًا لذلك فقد اختتم ألكسندر بيتروفتش روايته بوصف سنته الأخيرة في السجن والَّتي كانَت أَقل سَنة من سَنوات المَنفى مشقَّةً وعَذابًا بعد أن اكْتَسب آخر الأَمر الكَثير من الأصدِقاء من بين السجَناء والامْتِيازات. الَّتي تَمَتَّع بِها في تِلك السَّنة الأخيرة حتى اطلاق سَراحه ليقوم بتوديع السجناء ويبدأ حياته الجديدة

من خِلال رواية مذكرات من البيت الميت يَقوم أَلكسندر بتروفتش بِنَقل ما يَشْعُر به السُّجَناء. وما يَشْعُر به هو نَفسه وكأنَّها رِسالة من المَساجين لِمَن هُم خارِج السّجن الّذين يَنعَمون بالحُرّية أو للمَسؤولين عن إدارة السُّجون كَي يُحسِنوا مُعامَلتَهم ومن مقولات أَلكسندر بتروفتش: إِن الإِنسان أَثناء الحسرات التي يشعر بها في سجن الأَشغال الشاقة يرتوي بالإيمان كما يرتوي العشب اليابس بماء المطر. إن السجناء يعرفون حقيقة الرجال بغريزة فطروا عليها السجناء مستعدون أن ينسوا آلامهم إذا قيلت لهم كلمة طيبة.
تعد هذه الرواية من أشهر روايات الكاتب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي. نشرت أول مرة في عام 1862م، وقد نشرت أيضا تحت عنوان رواية بيت الموتى أو رواية منزل الموتى أو مذكرات من المنزل الميت أو ذكريات من منزل الأموات. وتقع الرواية في نحو 448 صفحة، وكعادته يغرق دوستويفسكي في تحليل لنفسيات والسرد العميق الذي يستشف أعماق النفس البشرية بمخلتف الظروف والحالات التي تعيشها.

اقرأ أيضا: أطعمة لن تتناولة إذا عرفت مكوناتها “الجزء الثاني”