دولة المماليك الدولة التي قامت على أكتاف الرقيق، وأقامت الإسلام والقضت نهائيا على الصليبيين

Advertisements

يعرف المماليك في اللغة العربيّة بأنهم: الرقيق، أو العبيد، وخصوصاً أولئك الذين سبوا دون آبائهم، وأمّهاتهم. إلّا أن لفظ المماليك له مدلول خاص في التاريخ الإسلامي منذ بداية حكم الخليفة العبّاسي (المأمون). وكذلك أخوه الخليفة (المعتصم)؛ حيث جَلَبا أعداداً كبيرة من هؤلاء العبيد من سوق النخاسة. من أجل الاعتماد عليهم في فِرَقهم العسكريّة، ومع مرور الزمن أصبح هؤلاء المماليك. الأداة العسكريّة الرئيسيّة في مختلف البلاد الإسلاميّة. حيث اعتمد عليهم الأمراء الأيوبيّون بشكل خاصّ في حروبهم، وقد زاد عددهم. وكثر في عهد الملك (الصالح نجم الدين أيّوب)، عِلماً بأنَّ مصر كانت أكثر البلاد الإسلاميّة التي استقدمتهم.

هم سلالة من الجنود حكمت مصر والشام والعراق وأجزاء من الجزيرة العربية أكثر من قرنين. ونصف القرن وبالتحديد من 1250 إلى 1517 م.تعود أصولهم إلى آسيا الوسطى. قبل أن يستقروا بمصر أسسوا في مصر والشام دولتين متعاقبتين وكانت عاصمتهم هي القاهرة: الأولى دولة المماليك البحرية. ومن أبرز سلاطينها عز الدين أيبك وقطز والظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والناصر محمد بن قلاوون والأشرف صلاح الدين خليل الذي استعاد عكا وآخر معاقل الصليبيين في بلاد الشام.

ثم تلتها مباشرة دولة المماليك البرجية بانقلاب عسكري قام به السلطان الشركسي برقوق. الذي تصدى فيما بعد لتيمورلنك واستعاد ما احتله التتار في بلاد الشام والعراق ومنها بغداد. فبدأت هذه دولة البرجية الذين عرف في عهدهم أقصى اتساع لدولة المماليك في القرن التاسع الهجري. وكان من أبرز سلاطينهم برقوق وابنه فرج وإينال والأشرف سيف الدين برسباي فاتح قبرص وقانصوه الغوري وطومان باي.

اعلان

وقد تهيأت عوامل كثيرة أسهمت إسهاماً كبيراً في تأسيس دولة المماليك. هذه الدولة التي خرجت من رحم الدولة الأيوبية وقامت على أنقاضها، ومن تلك العوامل ضعف الدولة الأيوبية. حيث ترك صلاح الدين الأيوبي بعد وفاته دولة واسعة الأرجاء. وقد وزع في حياته البلاد الواقعة تحت سيطرته على أفراد عائلته، فتقاسم هؤلاء تركته بعد وفاته.

وفي ظل ما حدث من الحروب والمؤامرات بينهم استطاع الملك العادل (ت 615هـ) أخو صلاح الدين الأيوبي. توحيد الدولة الأيوبية تحت سلطانه، ولكنه ارتكب خطأ عندما وزع إرثه على أولاده. فأدى هذا التوزيع إلى التنافر والتحاسد بين الإخوة، وبسبب هذه المنافسات والمنازعات أكثر الأيوبيون من شراء المماليك. وكانت كل مجموعة تنسب إلى صاحبها الذي اشتراها وتولاها بالتدريب. وحدث التحول الهام.

🔞 قاطع الأيادي | البلجيكي الذي أرعب أفريقيا

دولة المماليك

المماليك البحريّة

هم: المماليك الأتراك الذين تمّ استقدامهم بشكل كبير في عهد الملك (الصالح نجم الدين أيّوب)، والذي أسند إليهم مهام، ومناصب كبيرة؛ فكانوا من حاشيته، وحرسه الخاصّ، وبعد أن اشتكى الناس من المماليك، وعبثهم، أسكنهم الملك الصالح في جزيرة في نهر النيل، وقد أُطلِق عليهم (المماليك البحريّة).

تسونامي العسل الأسود | أغرب حادثة مدمرة على مر العصور

لأن منطقة سكنهم تحيطها المياه، ويعود أصلهم في الغالب إلى القفجاق من تركستان، وبلاد ما وراء النهر، وآسيا الصغرى، وقد استطاع المماليك البحريّة الوصول إلى الحُكم بعد مقتل آخر السلاطين الأيوبيّين عام 1257م. يرى بعض المؤرِّخين أنَّ شجرة الدرِّ تعتبَر أولى سلاطين المماليك، إلّا أنَّ البعض يرى غير ذلك؛ إذ إنَّها حكمت الدولة في فترة انتقاليّة، فكان حكمها مؤقّتاً؛ ولهذا يعتبَر عِزُّ الدين أيبك أوَّل سلاطين الدولة المملوكيّة البحريّة، وفيما يلي ذِكرٌ لأهمّ السلاطين البحريّة:

المُعزّ عزّ الدين أيبك: تولى عز الدين أيبك السُّلطة بعد أن تنازلت عنها شجرة الدرِّ، وكان بذلك أول سلطان للماليك البحريّة على الرغم من أنَّه لم يكن من طائفتهم، وقد واجه أيبك مُعارضة قويّة منذ بداية حكمه من قِبل الأُمراء الأيوبيين في الشام، ومن قِبل المماليك البحريّة كذلك، وحتى يكسب أيبك رضا الأيوبيّين وافق على تنصيب أحد الفتية الأيوبيّين سلطاناً، كما أنَّه أعلن الولاء للخليفة العبّاسي فقط، وكان قادراً على مُواجهة ثورة الأعراب، ومن الجدير بالذكر أنَّ نهاية المعزِّ أيبك كانت على يَد زوجته شجرة الدرِّ التي دبَّرت مُؤامرة لقتله عام 655 للهجرة.

سيف الدين قُطُز: بعد وفاة أيبك تولَّى السلطة (المنصور علي بن أيبك) مؤقتا، وكان قطز هو الوصيّ عليه، ومع سقوط الخلافة العبّاسية اجتمع قطز بالأُمراء؛ لتحديد السلطان، حيث إنَ المنصور صبي لا يصلح للحكم في مثل هذه الأوضاع الحرجة، فاتّفق الأُمراء على تنصيب قطز سُلطاناً للدولة المملوكيّة، وقد كان قُطُز شجاعاً حازماً، واستطاع الانتصار على المغول في معركة (عين جالوت)، كما استطاع إعادة الوحدة بين الشام، ومصر.

الاستعانة بالمماليك

الاستعانة بالمماليك في الشرق الأدنى بدت من أيام العباسيين. وأول واحد إستخدمهم كان الخليفة المأمون. ثم جاء الخليفة المعتصم فأتى بالتركمان واستخدمهم في الجيش لكي يعزز مكانته بعد ما فقد الثقة في العرب وفي الفرس اللى قامت عليهم الدولة العباسية، وكانت تلك بداية جديده شجعت الخلفاء والحكام من بعده لفعل ذات الشيء. فولاة مصر من الطولونيين الأخشيديين والفاطميين إستخدموا المماليك، منهم أحمد بن طولون (835-884م) كان يشترى مماليك الديلم، وهم من جنوب بحر قزوين، وقد وصل عددهم 24 ألف تركى وألف أسود و 7 آلاف مرتزق حر.

المماليك البحرية

وكذلك فعل الأيوبيون فجلبوا المماليك إليهم، ثم ازداد نفوذهم في فترة إزدادت فيها إخفاقات الأيوبيين ونشبت صراعات فيما بينهم، حتى تمكنوا من الاستيلاء على السلطة سنة 1250 م. كانت خطة الأيوبيون تقوم على استقدام المماليك من بلدان غير إسلامية، وكانوا في الأغلب أطفالاً يتم تربيتهم وفق قواعد صارمة في ثكنات عسكرية معزولة عن العالم الخارجي، حتى يتم ضمان ولائهم.

مماليك الدولة الإخشيدية والفاطمية

عندما قامت الدولة الإخشيدية، أتى محمد بن طغج الإخشيدي بأتراك الديلم، ووصل عددهم إلى 400 ألف ومنهم حراسه الشخصيين الذين قاربوا 8 آلاف مملوك. أما الفاطميين فقد كانوا محتاجين لجيش كبير ليستقوا به أنفسهم في مصر ويعينهم على التوسع شرقا. فقد كان جيشهم في الأول كان من المغاربة لكن عند دخولهم مصر أضافوا إليه عساكر ترك وديلم وسودانيين وبربر.

مماليك الصالح نجم الدين أيوب

كان المماليك مرتزقة معتادون على الحروب، وانضم أكثرهم بنفسه إلى النظام. فعندما جاء السلطان الصالح نجم الدين أيوب في أواخر العصر الأيوبي غير النظام وجعل له شكل آخر. فقد كان الأيوبيون منذ زمن صلاح الدين الأيوبى يجلبوا عسكر مماليك متدربين على الحروب، حتى زمن الصالح أيوب في قمة صراعاته مع أيوبيي الشام تخلى عنه مماليكه وعسكره من الخوارزمية الذين كانوا يعملون لديه بالأجرة. فاضطر إلى جلب رقيق صغار يربيهم عنده ويدربهم ويصبح ولائهم خالصا إليه بدلا من المرتزقة الكبار الذين تتبدل ولاءاتهم حسب الظروف.

المماليك

وبدأ بشراء مماليك صغار السن وبنى لهم معسكرا وأبراج في جزيرة الروضة واسكنهم هناك فسموا بالمماليك البحرية. وجعل لهم نظام معيشة وتدريب معين، وقد كان شديد العطف عليهم حتى أحبوه وأخلصوا له وقدمهم على الكرد والعرب. وقد انتسبوا إليه وتلقبوا بلقبه، فكان يقال عنهم “المماليك الصالحية النجمية”، ويضاف لأسمائهم لقب “الصالحى النجمى”، مثل عز الدين أيبك الصالحى النجمى، والظاهر بيبرس الصالحى النجمى، وقلاوون الصالحى النجمى، وغيرهم.

إنجازات المماليك

تميَّز المماليك بإنجازاتهم في مختلف المجالات السياسيّة، والعِلميّة، والعسكريّة، ومن هذه الإنجازات ما يلي:

المساهمة في تحرير مدينة عكّا من المغول بعد معركة عين جالوت. الاهتمام الكبير بالقُدس؛ حيث تمّ تجديد بناء قُبّة الصخرة في عهد (الظاهر بيبرس)، كما أضافوا مَرافِق هندسيّة إسلاميّة بدلاً من المَرافِق التي بناها الصليبيّون. الاهتمام بالأماكن الدينيّة، والأماكن العامّة؛ فبنوا المساجد، والأضرحة، والمُستشفيات، وظهرت في عهدهم المُجمّعات، كمُجمّع قلاوون، إضافة إلى ترميم العديد من المزارات في مكَّة المُكرَّمة، والمدينة.

انهيار دولة المماليك

جاء انهيار دولة المماليك لأسباب مختلفة، ومن أهمّها:

انتشار مرض الطاعون. تعرُّض المماليك للهجمات البحريّة من قِبل جنوة، والبندقيّة. نهب الإسكندرية في عام 1365م من قِبل قُبرص الصليبيّة. غزو قُبرص الصليبيّة للساحل السوريّ. إغارة تيمورلنك في عام 1400م؛ حيث كانت له عِدَّة هجمات على سوريا، كما نهب حلب، ودمشق. حملة المارشال جان بوسيكو على الموانئ السوريّة عام 1403م.

اقرأ أيضا: محمد أنور السادات الرئيس الذي أقر الصلح والسلام مع اسرائيل

السابق
محمد أنور السادات الرئيس الذي أقر الصلح والسلام مع اسرائيل
التالي
القسطنطينية المدينة التي بشر الرسول صلى الله عليه وسلم بفتحها