في سنة 1914 تحالفت الإمبراطورية العثمانية مع ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ضد قوات الحلفاء فرنسا بريطانيا امريكا وغيرهم ||هذه الحرب كانت هي ومجموعة من العوامل الأخرى , كانت سببا في تفكك الامبراطورية العثمانية التي حكمت نصف العالم تقريبا, وخاصتا دول عربية مثل الشام وفلسطين والعراق والحجاز وشمال أفريقيا , باستثناء الامبراطورية المغربية الشريفة التي كان يحكمها آنذاك الأشراف السعديون , انتهت الحرب العالمية الثانية سنة 1918 بفوز قوات الحلفاء , و انهيار ألمانيا وانهيار الدولة العثمانية, وتفكك سيطرتها على الأراضي العربية , مثل لبنان وفلسطين والأردن وسوريا والحجاز
القوات العثمانية في الاراضي العربية آنذاك كانت بين مطرقة البريطانيين , وسندان شيوخ القبائل العربية الكبرى , الذين اتفقوا على التعاون معا , لإسقاط العثمانيين واخراجهم من الأراضي العربية , بشرط أن يقوم البريطانين بتسليم السيادة الكاملة على هذه الأراضي إليهم , من بين هؤلاء الشخصيات وشيوخ القبائل , الذين قادوا الثورة العربية الكبرى ضد حكم الدولة العثماني , هو الشريف حسين بن علي بن محمد الهاشمي, المنتسِب إلى الأشراف من بني هاشم من قريش والذي كان نصبه الخليفة العثماني أميرا على مكة
الشريف حسين لطالما حلم باستقلال العرب من العثمانيين , وحلم ايضا بتأسيس مملكة عربية موحدة تحت حكمه , تضم كافة الدول العربية || وهذا كان هو لب الاتفاق الذي عقده مع القوات البريطانية , بعد نجاح الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين , أعلن الشريف حسين بن علي قيام المملكة العربية الحجازية واتُّخذ من مكة المكرمة عاصمةً لمملكته , لكن عمر هذه المملكة لم يدم طويلا , بسبب صراعه مع سلطنة نجد بقيادة عبد العزيز آل سعود, الذي سيؤسس بعدا المملكة العربية السعودية
فكانت نهاية هذه الحرب ان أُجبر الشريف حسين على التنازل عن حكم الحجاز , ونودي بالملك عبد العزيز آل سعود رسميًا ملكًا على الحجاز بإجماع سكان المدن الكبرى , كان لشريف حسين أربعة أولاد ذكور وهم : علي , عبد الله , فيصل و زيد || اثنين من هؤلاء الاولاد سيؤسسون من بعده مملكتين عربيتين , واحدة منهما ما زالت باقية لحد الان || وهي المملكة الاردنية الهاشمية التي اسسها ابنه عبد الله اين حسين في الأردن .
أما الابن الآخر وهو فيصل بن الحسين الذي انتقل إلى العراق , أسس هناك سنة 1921 المملكة العراقية الهاشمية , تقبل وجهاء الشعب العراقي تنصيب فيصل بن الحسين ملك عليهم , لأنه حظي بقبول واسع بسبب نَسَبه للنبي محمد، ولأن العراقيين كانت لديهم آمال وطموحات كبيرة حول شخصية الملك فيصل ليخلصهم من الانتداب البريطاني
مع تأسيس النظام الملكي في العراق، بدأ فصل جديد ومهم في تاريخ العراق الحديث، وتحولت البلاد من كيانٍ يتألَّف من ثلاث ولايات إلى دولةٍ واحدة متحدة ذات نظامٍ وطنيّ، وبدأ الملكُ فيصل الأول مشروعَ بناءِ الدولةِ من نقطة الصفر , فبدأ بتأسيس نواة الجيش العراقي الأول في تاريخه الحديث سنة 1921 , بدأ هذا الجيش بعشرة ضباط عراقيين فقط ممن قاتلوا ضد الدولة العثمانية || بعدها قام الملك بتأسيس مدرسة تدريب الضباط لتؤمن حاجيات الجيش من الجنود || بعدها قام بتشكيل كتيبة الخيالة او الحرس الملكي، وهكذا حتى وصلت تشكيلات الجيش لحوالي 4 الاف جندي
بعدها أسس الملك فيصل جامعة “أهل البيت” في بغداد، وشجع المهاجرين السوريين على العمل أطبّاء ومعلِّمين في العراق || علما ان في هذا الوقت كان العراق تحت الانتداب البريطاني , ورغم ذلك استطاع الملك فيصل بحنكته الدبلوماسية , إنهاء هذا الانتداب , فحصل العراق على الاستقلال وأصبح العضو السابع والخمسين في عصبة الأمم، التي ستتحول فيما بعد إلى الأمم المتحدة , بعد وفاة الملك فيصل بن الحسن سنة 1933 , تسلم الحكم ابنه الملك غازي الأول وهو شاب يبلغ من العمر 23 عاماً , كان الملك غازي ذو ميول وحدوية عربية , ومناهض للنفوذ البريطاني في العراق، واعتبره عقبة في طريق بناء الدولة العراقية المستقلة وتنميتها , وانه هو المسؤول عن نهب ثرواته النفطية و الآثارية المكتشفة حديثاً
أخذ الملك غازي الأول في العمل للحد من هذا النفوذ في بلاده , وإحباط جميع عمليات الفساد والنهب والسرقة التي تقوم بها بريطانيا في العراق || حتى اصبح شخصية مزعجة للبريطانيين وتعالت أصوات بتحيده وعزله عن العرش , اذا ما استمر في معاكسة المصالح البريطانية , بدأ الملك غازي الأول عهده في إنشاء مشاريع كثيرة : منها السدود والجسور والجامعات والمستشفيات والطرق وغير ذلك , و أوقف ايضا التعامل بالروبية الهندية التي فرضتها بريطانيا على العراق عملةً رسمية بدلاً من الليرة العثمانية واستبدلها الملك بالعملة العراقية وهي الدينار العراقي
بعدها أسس الملك غازي للإذاعة العراقية الأولى في تاريخ العراق , , و بيثها هو بنفسه من القصر الملكي , بحيث يقرأ على المستمعين كل يوم موجز الأخبار وكافة الأحداث المهمة ,لم يدم حكم الملك غازي طويلاً , وتوفي في حادث سيارة غامض اعتبر البعض أنه مدبر، ولكن لم يتم إثبات أي شيء حول هذه الشكوك , بعد وفاة الملك غازي توج ابنه الملك فيصل ملكاً على العراق، وكان لا يزال عمره 3 سنوات , لكنه توج تحت وصاية خاله الأمير “عبد الإله بن علي بن الحسين”
الملك غازي درس جنباً إلى جنب مع ابن عمه الملك حسين ملك الأردن، وهو والد الملك الأردني الحالي، الملك عبد الله
ثم بعدها بـ 15 سنة حين وصل الملك فيصل الثاني لسن 18 , جلس على عرش المملكة العراقية سنة 1953 , فعلق العراقيون الكثير من الامال على الملك الشاب الجديد , لإكمال ما بدأه والده وجده للوصل للعراق القوي المستقل , والقضاء على كافة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية
وبالفعل بدأ الملك الشاب في إطلاق الكثير من المشاريع والبنيات التحتية , رغم ان الاوضاع في ذلك الوقت كانت مليئة بالتجاذبات السياسية والفساد والنفوذ الخارجي خاصتا بقايا النفوذ البريطاني
لكن هذه المسيرة قدر لها ان تنتهي وينتهي معها عهد المملكة العراقية الهاشمية , ومقتل كافة العائلة المالكة, في مذبحة سجلت على انها من أسوأ المذابح التي ابادت نسل عائلة ملكية بالكامل
في فجر يوم 14 من شهر يوليو 1958، في قصر الرحاب ببغداد , استيقظ الملك فيصل الثاني والعائلة المالكة على أصوات تبادل النار في حديقة القصر بين مجموعة من الجنود والحرس الملكي، قبل أن يدخل مجموعة من الضباط إلى القصر، وطلبوا من الحرس الاستسلام، فاستجابوا للطلب
جمع الجنود العائلة المالكة، من الأطفال والنساء والشبان بما فيهم الملك فيصل، وخاله الوصي “الأمير عبد الإله” وأطلقوا عليهم النار، وقاموا بعد ذلك بالتمثيل بجثثهم وتقطيعها وحرقها
جميع من كان في القصر قتل باستثناء طفلة صغيرة وهي الأميرة بديعة بنت علي بن الحسين , و التي فرت مع بعض الخدم الى لندن , حتى توفيت هناك وهي في عمر الـ 82 سنة
لتنتهي بذلك المملكة العراقية والعهد الملكي , ويعلن عن قيام الجمهورية العراقية الاشتراكية , على يد كتيبة من الجنود سمو بتنظيم الضباط الأحرار , بقيادة عبد الكريم قاسم , وعبد السلام عارف
بعد هذا الانقلاب بخمس سنوات فقط , انقلب الصديق على الصديق , وتم إعدام عبد الكريم قاسم، الذي انقلب على الملك , ليأتي بعدها صدام حسين , الرئيس السابق للعراق , ويجلس على العرش لسنوات وسنوات , حتى أعدمه الأمريكيين سنة 2003 .
الغريب أنه اذا عدت للتاريخ ستجد شيء غريب جدا أغلب الدول الملكية والتي تغير حكمها للنظام الجمهوري تغير بطريقة دموية الى ابشع درجة فالثورة الجمهورية الفرنسية التي تمردت على الملكية في فرنسا مثلا كان شعارها اشنقوا اخر ملك بأمعاء اخر قسيس , فقد تم قتل الملك الفرنسي لويس التاسع سنة 1792 من قبل الثوار الدمويين بقطع راسه بالمقصلة وايضا الثوار البلشفيين الشيوعيين في روسيا قامو بما فعله الفرنسيين ضعفه عشر مرات فقد تم قتل عائلة رومانوف الروسية الحاكمة وجردوهم من ملابسهم وتم تقطيع جثثهم وحولهم لاشلاء ورموهم في الغابة ما رأيكم أنتم في الموضوع ؟