نستله شركة تروج لنفسها في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على أنها ملك المنتجات الغذائية الصحية للرضع والاطفال ومنتجاتها كسيريلاك ونيدو أهم مفاتيح النمو السليم ، حيث تستهدف بدقة كل مرحلة في السنوات الأولى من حياة الطفل . وبالفعل حملاتها الدعائية تجلب نتائج كبيرة حيث تحتل نستله على 20% من سوق أغذية الأطفال بقيمة تقدر بـ 70 مليار دولار. غير أنه في 17 أبريل خرجت فضيحة مدوية لشركة التغدية السويسرية نستله وخصوصا منتجها سيريلاك يعرفه الجميع ، وكتبت عن هذه الفضيحة الثقيلة كبريات الصحف والمجلات العالمية ، فما هي القصة ؟
تعد سيريلاك ونيدو من العلامات التجارية الأكثر مبيعًا لأغذية الأطفال من نستله في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وبحسب بيانات حصرية تم الحصول عليها من شركة يورومونيتور، وهي شركة تحليل السوق المتخصصة في صناعة المواد الغذائية، فإن قيمة مبيعاتها في هذه الفئة كانت أكبر من 2.5 مليار دولار في عام 2022.
فضيحة نستله قاتل الاطفال
سنة 1977 ، سقطت شركة نستله السويسرية في قلب فضيحة لم يسبق لها مثيل أدت إلى مقاطعتها دوليا وغضب شعبي عنيف . فجر هذه الفضيحة تقرير بعنوان “قاتل الأطفال” في لندن وألفه وار او وانت ومايك ميلر , هذا التقرير المكون من 12 صفحة يشرح بالتفصيل كيف سببت منتجات نستله خصوصا الحليب المجفف أمراض بل ووفاة الاطفال والرضع في المجتمعات الفقيرة والنامية في مختلف أنحاء العالم , فقد اشتغلت نيستله على خطة من لدن الشياطين لتقنع الناس على شراء منتجاتها فماذا فعلت , استعملت نستله طرق طبيعية وكلاسيكية في الاعلان والترويج لمنتجات الحليب المجفف للرضع كونه منتج جيد ويحتوي على العديد الفوائد الصحية ويتم صناعته من مواد طبيعية بشكل كامل , بل واستخدمت نستله مندوبي مبيعات يرتدون زي الممرضين والممرضات لكسب الثقة بين المستهلكين .
Parasyte The Grey , مسلسل نتفليكس مليئ إثارة وتشويق ورعب
لكن بعد فترة وجيزة من الزمن تبين للشركة من خلال الاحصائيات والبيانات ان كل مجهودهم ذهب ادراج الرياح, الناس لا يشترون المنتج ولا يثقون فيه ويرفضون التخلي عن الرضاعة الطبيعية , فماذا فعل الملاعين ليشجعوا الناس على التخلي عن الرضاعة الطبيعية وشراء منتجهم , كانت الحيلة التي اتبعتها نسلته لا انسانية بكل المعايير فقد قامت بنشر حملة دعائية تروج من خلالها على أن الرضاعة الصناعية هي أفضل من الرضاعة الطبيعية . ولكي أقربها لكم الامر كأن يرفض الناس شراء سجائر شركة معينة فتأتي الشركة وتنشر إعلان مفاده أن التدخين مفيدة للصحة
قصة نستله مع السكر
بعد مرور عدة سنين من فضيحة “قاتل الأطفال” ، زعمت شركة نستله أنها نادمة على أفعالها المشينة في الماضي وستغير من قوانينها وستلتزم بالتسويق الشريف والمسؤول لبدائل حليب الأم . لتعود الشركة وقبل عدة أسابيع بفضيحة أثقل من التي قبلها .
برزت هذه الفضيحة من خلال تقرير نشرته منظمة Public Eye السويسرية غير الحكومية وشبكة العمل الدولية لأغذية الأطفال (IBFAN) بناء على نتائج توصل إليها مختبر تحليل بلجيكي . ركزت Public Eye في هذا التقرير على منتجين غذائيين من أكثر منتجات نستليه مبيعا للأطفال وهما نيدو وسيريلاك وهما من العلامات التجارية الأكثر مبيعًا في العالم لأغذية الأطفال من نستله والتي حققت أكثر من 2.5 مليار دولار في عام 2022.
وتدعي نيستله بأن هذين المنتجين هدفهم تعزيز نمو الاطفال والرضع وتطوير جهازهم المناعي بالفيتامينات والمعادن وكل المغذيات الضرورية وتشدد على أنهما خاليان من أي سكريات مضافة , بل و يحققان كل شروط السلامة الصحية بشعار “عيش حياة أكثر صحة”.
هذا الكلام صحيح ولم تكذب شركة نسلته حيث تبين أن المنتجين الذين يتم تسويقهما في الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية والدول المتقدمة يحققان كل شروط السلامة الصحية للأطفال وكل ما تدعيه نستله صحيح , لكن هذا هو الجزء الظاهري للقصة الجزء الذي يروجونه لشعوبهم في الغرب في إعلامهم هناك , اما الجزء القبيح والمخفي الذي لم تكشف عنه نسله أن نفس هذين المنتجين والذي يتم شحنه وبيعه في الدول النامية والفقيرة يحتوي على مستويات عالية وخطيرة جدا من السكر وأي طبيب في العالم إذا شاهد هذه الكمية من السكر هو سيمرض بالسكر من الاعصاب . حتى أن أحدث الإرشادات الغذائية الأمريكية توصي بشكل قاطع بعدم إضافة أي سكر للأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين .
عنصرية الشركة السويسرية
كشف تقرير منظمة Public Eye السويسريةأن 94% من منتج سيريلاك، في أسواق نيستله الرئيسية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية مختلف تماما عن ذلك الذي يتم بيعه في الأسواق الاوروبية .
في سويسرا مثلا ، لكي تجلب الشركة الزبائن وتكسب ثقتهم تروج نستله لمنتج سيريلاك بنكهة البسكويت للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بدأ من ستة أشهر والطعم الذي تجلب به ثقة المستهلكين السوريين هو عبارة “بدون سكر مضاف” ،في حين أن نفس المنتج هو هو في السنغال وجنوب أفريقيا ، يحتوي على 6 جرامات من السكر المضاف لكل حصة. نفس المنتج في ألمانيا والمملكة المتحدة البريطانية لا يحتوي على سكر مضاف ، في حين نفس جد المنتج يحتوي على أكثر من 5 جرامات لكل حصة في إثيوبيا و6 جرامات في تايلاند و 7.3 جرام من السكر لكل حصة في الفلبين، و6.8 جرام في نيجيريا . وهو نفس المنتج في المملكة المغربية يحتوي على 35 غرام من السكر لكل 100 غرام .
بالنسبة لحليب نيدو الموجه الأطفال بعمر سنة ، أكتشف الباحثون المعدون لهذا التقرير أن 72% من منتج نيدو الذي يتم شحنه للدول الفقيرة والنامية وذات الدخل المحدود يحتوي على كميات كبيرة جدا من السكر . حيث يباع حليب نيدو في بنما مضاف اليه 5.3 جم سكر لكل حصة ، ونيكاراغوا 4.7 جم والمكسيك 1.8 جم , المصيبة لا تتوقف هنا بل قام الباحثون بفحص حوالي 150 منتجًا ووجدوا في العديد من الحالات أن نفس تركيبة الأطفال الخالية من السكر في سويسرا وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة تحتوي على مستويات سكر خطيرة طبيا في دول مثل الفلبين وجنوب إفريقيا وتايلاند . هذا الامر جعل نايجل رولينز وهو عالم في منظمة الصحة العالمية بعدما رأى نتائج هذا التقرير معروضة أمامه : “هناك معايير مزدوجة لا يمكن تبريرها”.
نستله تسبب إدمان الأطفال
سوزانا راميريز، الأستاذة المشاركة في اتصالات الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا ،تقول أن التناقضات بين الطريقة التي يتم بها معاملة السكان ذوي الأغلبية البيضاء والسكان ذوي الأغلبية السوداء والبنية تبعث برسالة مؤلمة “إضافة السكر إلى الأطعمة المخصصة للرضع والأطفال الصغار يساهم في تدهور صحتهم أثناء نموهم، بما في ذلك تسوس الأسنان والسمنة، وكلاهما من الصعب للغاية تغييرهما بمجرد ظهورهما “. “الأمر الأكثر خبثًا هو أن السكر يسبب الإدمان بدرجة كبيرة ، لذا فإن تناول الأطعمة التي تحتوي على سكريات مضافة في مرحلة الطفولة المبكرة يدرب أذواق الأطفال على تفضيل الأطعمة المحلاة مدى الحياة .
وتقول إنه من الواضح سبب رغبة الصناعة في القيام بذلك، حيث أن جودة السكر التي تسبب الإدمان وتطور الأذواق المفضلة للحلويات تضمن حصولهم على عملاء مدى الحياة . وتقول: “إنهم حرفياً يربطون الأطفال بالسكر”.
تقول منظمة الصحة العالمية (WHO) أن اضافة السكريات للأطفال قبل سن الثانية يمكن أن يؤدي إلى عادات غذائية إدمانية , بل الاخطر من ذلك أن هذه السكريات المضافة هي سبب رئيسي في تسوس الأسنان وزيادة الوزن والسمنة والإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري من النوع 2 وأمراض القلب وبعض أنواع السرطانات في المستقبل .
سبحان الله هذه الطريقة الخبيثة والدنيئة في ربط الاطفال بالسكر حتى يدمنوا هذا المنتج تحديدا شبيهة الى حد كبير بنفس الطريقة التي يستعملها مروجها المخدرات خصوصا مروجي بيع التقسيط في الشوارع والازقة في مختلف بلدان العالم , حيث تقوم خطتهم على الاستمرار في العثور على زبائن جدد بطرق شيطانية , فحين يعثر مروج مخدرات على زبون جديد محتمل يعطيه هدية وهي عبارة عن كمية صغيرة من الحشيش او الكوكايين او أي مخدر كيفما كان , غير أنه لا يأخذ منه المقابل بل يعطيه له كهدية مجانا في اليوم الاول والثاني وحتى الثالث , لكن بعد ذلك ومع مرور الايام يصبح الزبون مدمنا وعبدا للمخدر ويتحول الى عميل دائم وللأبد لمروج المخدرات أخذه في اليوم الاول مجانا وبعدها أصبح يشتريه وقد يشتريه حتى لو تضاعف ثمنه
محاولة نستله تدارك الفضيحة
نستله قالت في بيان حول هذا الفضيحة إن الاختلافات في محتوى السكر بين البلدان تعتمد على “عدة عوامل، بما في ذلك اللوائح التنظيمية وتوافر المكونات المحلية، مما قد يؤدي إلى عروض تحتوي على سكريات أقل أو بدون سكريات مضافة و هذا لا يضر بالقيمة الغذائية لمنتجاتنا للرضع والأطفال الصغار”. النفاق المضحك أن نستله تقول على موقعها الإلكتروني البرازيلي إنه من المثالي تجنب تناول السكر المضاف في مرحلة الطفولة .
أكثر ما صدمني هو كيف أن هذا الخبر كان له صدى أكبر في الدول الغربية التي اساسا لا يباع فيها في حين الدول الافريقية والعربية والدول الفقيرة يكاد لا يناقش وكأنه سحابة عابرة ، في هذه النقطة يمكنك ملاحظة الفرق بين الدول الغربية التي فعلا تخاف على صحة أطفالهم وحتى الشركات يضربون ألف حساب قبل بيع منتج قد يضر الاطفال كون هذه الفئة محصنة بقوانين وتشريعات مثل الشبكة والدرع الحامي ، في الغرب يعلمون أن فصيحة مثل هذا النوع قد يرفع عليهم مواطن أوروبي واحد قضية في المحاكم سيربحها وسيكون التعويض بملايين الدولارات ، يعلمون أنهم في بلدان تحمي حقوق الانسان وطبعا الانسان الاوروبي وليس أنت ، لكن افريقيا والدول العربية يا شيخ ارمي لهم الزبالة ولا أحد مهتم بهم ، بيع بيع للبهائم حكوماتهم غير مهتمة بهم لماذا سنهتم نحن .
لوران غابيريل ومانويل أبيبي ، الباحثان في Public Eye ، اللذان شاركا في إعداد هذا التقرير، كتبا في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صحيفة واشنطن بوست : “في الدول الأوروبية، دفع ضغط المستهلكين شركة نستله إلى إزالة السكر المضاف من منتجاتها الغذائية للأطفال”. “نأسف لأن الشركة قررت مواصلة إضافة السكر في البلدان ذات الدخل المنخفض ” كتب غابيريل وأبيبي: “تنصح شركة نستله نفسها بتجنب أي سكر مضاف في هذا العمر”.
بعد صدور التقرير المعزز والمدعم بالادلة العلمية المخبرية ، فتح تحقيق شامل في الهند بشأن هذه المزاعم . حتى مسؤولين في بنغلاديش قالو أنهم سينظرون في “مسألة السكر المضاف في أغذية الأطفال” , في الفلبين ، يتم حاليا اعداد قانون يحظر إضافة السكر إلى أغذية الأطفال وهو قيد النظر الان في مجلس الشيوخ الفليبيني ودعمته وزارة الصحة . في حين ألبرت دومينغو، مسؤول كبير في وزارة الصحة الفلبينية ، قال لصحيفة The Washington Post، إن النتائج “مثيرة للقلق”، “خاصة وأن توصيات منظمة الصحة العالمية تتبعها نيستله في بلدان الأوروبية فقط “.