ستاربكس واحدة من الشركات العالمية العملاقة التي كانت ولا تزال داعمة للابادة الجماعية في فلسطين وداعمة لاسرائيل منذ سنين , و غالبية الناس يعتقدون أن ستاربكس لها استثمارات في اسرائيل بملايين الدولارات وفروع بالمئات وهذا تصور منطقي ولا يبدوا أي شيئ غريب في هذه المعلومة صح , لكن ما سيصدمك واذا قلتها لاحد لن يصدقك , هو أن إسرائيل في الاساس لا يوجد فيها ولا فرع واحد في إسرائيل ؟ في عام 2001، افتتحت ستاربكس أول فرع لها في تل أبيب . لكن وبعد فترة قصيرة جدا وبالضبط في 2003، اي بعد سنتين خرجت ستاربكس من اسرائيل واغلقت فروعها ولم تعد نهائيا , والسؤال الذي قد تطرحونه جميعا هو كيف ولماذا ؟ وفي هذا المقال سأشرح لكم لماذا فشلت ستاربكس في إسرائيل ؟
كيف بدأت ستاربكس
تعتبر ستاربكس التي لديها أكثر من 17000 فرع في أرجاء العالم عملاق لبيع القهوة وهي أيضا من الداعمين للإقتصاد الاسرائيلي وبشكل مستمر , لكن من الصادم حين يسمع الناس بأن ستاربكس في الأساس ليست موجودة في اسرائيل وليس هذا فقط بل هي شركة منبوذة ولا أحد يريدها من قبل الاسرائيليين ولا أحد يريد أن يشتري قهوتهم , لكن كيف يتكون هذا الشعور تجاه شركة تدعمك وتقف لجانبك المفروض أن تدعمها أنت ايضا وتشتري منتجها كنوع من رد الجميل أليس كذلك .

تبدأ القصة في 1998، التقى الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس اليهودي هوارد شولتز برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر في القدس. في جولة نظمتها اليهودية Aish HaTorah ، تهدف لتطبيع شحصيات عالمية وجلبها الى اسرائيل لتقوم بدعاية مجانية لها باعتبارها دولة اليهود الضعيفة والمحاصرة التي تحتاج الحماية وايضا التعريف بما سمي بالدولة اليهودية . كان حاضر فنانين ومشاهير هوليوود وسياسيين ومدراء شركات عملاقة مثل جوجل وصادف أن من بين تلك الشخصيات هوارد شولتز الرئيس التنفيذي الحالي لشركة ستاربكس
كانت الرحلة تتضمن زيارة حائط البراق ، ورحلة بطائرة هليكوبتر للقاء ملك الأردن ، ولقاء القادة الدينيين والسياسيين من جميع المناطق المحتلة ، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي كان آنذاك في فترة ولايته الأولى . حيث استضافهم في الكنيست لحفل عشاء وعمل , نتنياهو طلب لقاء خاص مع شخصيتين بارزتين وهما هوارد شولتز ورجل أعمال آخر، رئيس سلسلة الزبادي المجمد التي تسمى يوجين فروز
إفرايم شور، الشخص الذي نظم هذه الرحلة يقول بالحرف : “لقد استدعاهم إلى مكتبه وطلب منهم طلبًا شخصيًا للغاية للنظر في فتح أعمالهم في إسرائيل لمساعدة الاقتصاد الإسرائيلي”. بقيت تلك الكلمات تتررد في خاطر شولتز وهو يهودي ينتمي إلى كنيس يهودي ، وكان متأثر جدا برحلته الدينية الأولى إلى الأراضي المقدسة ، لتتبادر الى ذهنه فكرة جلب ستاربكس إلى إسرائيل . كان شولتز ملاحظة قوية بعد زيارته لاسرائيل
قهوة إسرائيلية رديئة
كانت المقاهي الإسرائيلية أماكن للقاء الفنانين والسياسيين والبعض كان يعقد صفقاته ويقضي اعماله في المقاهي ، حتى لو لم تكن القهوة لذيذة . قبل 25 عامًا من الان أي في التسعينيات ، كان أقصى ما يتمناه الاسرائيليون هو فقط نسخة متواضعة جدًا من القهوة الايطالية .

إسرائيل تعتبر دولة هجينة وخليط ومزيج من الثقافات والاعراق حيث تقع دولة الاحتلال إسرائيلي في الوسط بين الشرق والغرب . وسكانها نفس الشيء فهم مهاجرين من الشتات من كل بقاع العالم من اليمن وألمانيا وأوزبكستان والولايات المتحدة والمغرب وبولندا ومصر والعراق والسويد وهولندا ، وبالتالي طعامها وقهوتها في الحد ذاته عبارة عن مزيج من هذه الثقافات يعني ليس لها أي اساس صلب تنبني عليه ثقافتها . ولك أن تتخيل أنه في تل أبيب مثلا ، يتم بيع الشاورما التركية في الباغيت الفرنسي
اما بالنسبة للقهوة ففي إسرائيل وقبل 25 سنة ، لم تكن تجد أبدا شيئ اسمه القهوة على الطريقة الاسرائيلية فكل ما تجده هو عروض المقاهي الإيطالية مثل الإسبريسو والماكياتو مع القهوة التركية وكل أنواع القهوة الاخرى. فكان الاسرائيلي يحس بالضياع بين الثقافات وكأنه معدوم الهوية , بالاضافة الى أن الإسرائيلي العادي يشرب ما معدله 0.4 كوب من القهوة يوميا، وفقا لمقال في مجلة The Atlantic – وهو رقم منخفض كثيرا كون المواطني لاسرائلي ليس ابن المنطقة وانما هو مهاجر اوروبي في الغالب والبقية من مختلف بلدان العالم . هذا المعدل أقل بكثير من 2.4 كوب قهوة للمواطن الهولندي وأقل من نصف كوب واحد في الولايات المتحدة .
أحلام أكبر من الواقع
كان الامر بالنسبة شولتز أرضية خصبة لجلب ستاربكس الى إسرائيل ، فقد كان يعتقد أن هذه الفرصة يجب استغلالها وستسحق ستاربكس السوق في وقت قياسي , غير أنه وللصدفة العجيبة في نفس الوقت الذي كان فيه شولتز في إسرائيل ضمن تلك الجولة السياحية كان في تل أبيب عاصمة دولة إسرائيل ثورة غذائية كبيرة تهدف الى تغير صورة الطهي في إسرائيل ، بما في ذلك ثقافة القهوة , قام بعض رجال الأعمال الإسرائيليين بخطوة استباقية بالسفر إلى إيطاليا وتعلم وصفة القهوة الايطالية الشهيرة . كما أقام أصحاب المقاهي المحلية علاقات تجارية مع محامص القهوة في إيطاليا التي لا تبعد سوى أربع ساعات وجعلوهم يشحنون قهوة عالمية المستوى مباشرة إلى إسرائيل القريبة جغرافيا من إيطاليا عاصمة القهوة في العالم .

كانت إسرائيل في طور تقدم تكنولوجي سريع وبدأت القطاع يتخلص من قيود وجذور الاشتراكية التي بني عليها , وعليه كان الناس يعملون ويكسبون الكثير من المال ويستطيعون فتح شركتهم الخاصة ., بدأو بالسفر ورؤية العالم الخارجي وتجربة الطعام والشراب من مختلف الشعوب والثقافات وهذا ما أشعل ثورة ما سمي “ ثورة الاسبريسو “ وفي عام 1992، افتتح أول بار إسبرسو إسرائيلي، والذي أطلق عليه اسم اسبريسو بار مع حلم جلب القهوة الايطالية لاسرائيل , لتتبعها شركات أخرى كالدومينو كشركة آركافي، “.
بمعنى آخر، شولتز الرئيس التنفيذي ستاربكس قلل من تقدير مدى جودة ثقافة القهوة في إسرائيل . بدأ المستهلك الإسرائيلي بتطوير مذاق للقهوة
الاسرائيلي يعشق القهوة
ارتفع معدل شرب القهوة بشكل جنوني ، حيث أصبح الإسرائيلي يشرب ما متوسطه 110 لتر (465 كوبًا) من القهوة سنويًا ، أي أكثر بنسبة 83% من الأمريكي وحتى 22% أكثر من الأوروبي . بعدما كان أقلهم قبل سنوات قليلة وجذبت الشركات الاسرائيلية معظم الزبائن من ستاربكس التي اساسا كان الناس يرفضون الذهاب اليها , بعدما اعتقد شولتز أن الاسرائيليين حين سيسمعون بخبر قدوم ستاربكس الى اسرائيل يصفقون لهم بالعيطة والبندير مثلما حدث مع ماكدونالدز يوم افتتحت أول فرع لها في روسيا ,
في العادة عندما تفتح ستاربكس فروعً جديد في الخارج ، فهي إما تشتري سلسلة محلية موجودة ، أو تجد شركة محلية لها مكانة وقوة على الأرفاض . لكن في إسرائيل ، واجه شولتز صعوبة كبيرة في العثور على الشريك المناسب.

في النهاية ، قرر التعاون مع شركة تتمتع بقوة مالية ولكن بدون أي خبرة في الصناعة ، هذه الشركة اسمها ديليك ، وهي شركة نفط , هذه الشركة كانت قوية ماليا صحيح لكنها كانت غبية في التسويق الى حد لا يتصوره عقل فقد كانت تعتقد أن الاسرائيليين سيرحبون بستاربكس باعتبارهم محررين من ثقافة القهوة غير المتطورة. الامر وكأنك تذهب الى دولة ما وتقول لهم بكل استعلاء ساحرتكم من ثقافة القذارة وأدخلكم الى عالم النظافة , فقد قامت شركة ديليك ترجمت بحملة تسويقية أزعجت الإسرائيليين. حيث قال قائد المشروع أنهم سيقومون بتثقيف إسرائيل حول شرب القهوة .في حين مسير اخر ألقى نكتة أن القهوة ستكون سوقًا رائعًا بالنسبة لهم لأن القهوة والبترول كلاهما سوائل سوداء ، وبالتالي سيكونون جيدين في ذلك , لكن لم يكن هذا هوا لشريك الوحيد مع ستاربكس فقد كان هناك شريك ثالث .وهو اليهودي وهو يائير حسون .
تفكك نواة ستاربكس
يائير كان رجل الأعمال ناجح وكان الرجل الوحيد الذي يتمتع بخبرة في صناعة الأغذية الإسرائيلية . وهو نفس الرجل الذي نجح في جلب شركات اغذية كبيرة و مطاعم أجنبية مثل برجر كنج إلى إسرائيل . كان حرفيا هو العقل وشركة ديليك العضلات المالية , حسون وضع خطط وبرامج تجارية وعرضها على ستاربكس , حيث تكمن هذه الفكرة في استغلال ذوق العنصر الاوروبي للمجتمع الاسرائيلي وتكييف كل المنتجات لتلائم أذواق الاسرائيليين بما في ذلك تقليل كمية الحليب والتركيز والتركيز على على الاسبريسو وبالتالي ,ايضا جودة الخدمة كون فلسفة ستاربكس تدور حول ثقافة المقاهي وليس مجرد قهوة فقط , لكن ديليك كانت لها أولوية خدمة ستاربكس في محطات الوقود التابعة لها ولم تكن معجبة بطريقة عمل حسون فاصطدموا بشكل قاسي مع بعضهم ولم يتفقوا ,
وفي الغالب تكون علامة عدم اتفاق الشركاء داخل أي شركة هي اولى علامات اما الانهيار واما النجاح الصاروخي , ولكن بالنسبة لستاربكس لم يكن أي شيء ينبئ بالخير . ذاق هايسون ذرعا بتصرفات شريكهم ديليك وسافر للولايات المتحدة الامريكية ليخبر الشركة الام بالاختيار بينه وبين ديليك . انتهى المشهد بأن قام هيسون ببيع أسهمه لشركة ديليك ، ليصبح المشهد الجديد الان هو شركة قهوة تتحكم فيها شركة بترول وكلى المنتجين أسودين ولكن الفرق بين الاول والثاني كالفرق بين السكر والملح , أصبحت شركة ديليك تسيطر على 80 بالمائة من الشركة . وكل هذا ولم يتم الفرع الاول لساربكس في اسرايل بعد الامر الذي جعل الارضية بأكملها في يد شركة نفط.

أول فرع ستاربكس في إسرائيل
في سنة 2001 توجت كل تلك الصعاب والمشاكل بافتتاح أول فرع لستاربكس في إسرائيل , لكن في تلك الفترة كانت الانتفاضة الفلسطينية في أوج قوتها وكانت القدس على بركان يغلي تحت أقدام الأحتلال ، ولذلك لم يفتح مقهى ستاربكس أول فروعه في القدس وانما في تل أبيب عاصمة دولة الاحتلال ، لتتواجه هناك وجها لوجه مع عملاق القهوة في إسرائيل Arcaffe الراقية .
فيروس الايدز : قصة طاعون المثليين الذي غير العالم
في بعض الاحيان كانت الشركات الاسرائيلية تتنافس مع بعضها البعض لجلب زبائن أكثر فتقوم بخفض الاسعار. غير أن ستاربكس كانت مناخيرها في السماء من شدة العناد والتكبر والإحساسات بالفوقية وبالتالي لم تكنن تعر الامر اهتماما وكانت تحتفظ بأزمنتها بدون تغيير وبالتالي كان خيار ملف للاسرائيليين مقارنة بشركات الهوة الاخرى , والى حدود ذلك الوقت كانت ستاربكس تتطور وتتوسع بشكل بطيئ جدا فقد وصل عدد فروعها لستة فروع فقط وخسرت في هذه العملية 6 ملايين دولار , بعدما كانت الخطة هي افتتاح 80 متجرا في إسرائيل 10 متاجر فقط في السنة الاولى وهو ما كان سيجعلها في ذلك الوقت أكبر سلسلة مقاهي في اسرائيل ,
في المقابل تم افتتاح 500 فرع جديد للقهوة من مختلف الشركات في إسرائيل في السنوات الثلاث التي سبقت زيارة شولتز . والشيء الوحيد المشترك تلك الشركات المتعددة أنهم قدموا قهوة جودتها ممتازة ورخيصة الثمن , لكن الصادم وما لم يتوقعه أي أحد أنه لم تمر أكثر من سنتين على دخولها السوق حتى أغلقت ستاربكس كل فروعها في إسرائيل وغادرت مذلولة الرأس .

لم تكن هذه هي الاسباب الوحيدة فقط بل هناك عدة عوامل اخرى فالاسرائيليون أنفسهم يحبون الذهاب لشركات اسرائيلية وطنية وشرب قهوتهم الخاصة فهم يحبون دفع ضرائبهم لشركة اسرائيلية المنشأ والاحساس بالانتماء للوهم أقصد للوطن , كأنهم يقولون لستاربكس غادري فنحن لا نريدك لاننا نصنع قهوتنا الخاصة بأنفسنا والتي هي أفضل مما تقدمين تاك يور شيت اواي , بل وأكثر من ذلك لو كنت تتابع السوشيال ميديا الاسرائيلية في هذا الموضوع تحديدا سترى بأنهم يتفاخرون أنهم الدولة الوحيدة التي التي فشلت فيها ستاربكس عملاق القهوة العالمي وطبعا هذا كذب لان أكبر فشل لستاربكس كان في استراليا وليس اسرائيل ,
هذا الامر يذكرني بحلقة تكلمت فيها عن منافسة شرسة لستاربكس في الدول الاسكندنافية وكيف أن شعوب السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا قاومو غزو ستاربكس لاسواقهم , فقد قامو بإنشاء شركاتهم الخاصة وكونوا بديل أفضل وأحسن وأقوى من ستاربكس مثل اسبريسو هوس , ولن تجد فروع لستاربكس في تلك الدول الى نادرا , الاسرائيليين تعلموا الدرس , وصنعوا بدائل خاصة بهم ولم يعودو بحاجة لأي شركة أخرى .