الكون شاسع ومليء بالغموض، ومن بين أروع مظاهره المجرات العملاقة التي تمتد عبر مسافات هائلة وتضم مليارات النجوم. هذه المجرات، بتنوعها وحجمها الضخم، تثير فضول العلماء وعشاق الفضاء على حد سواء. في هذه المقالة، سنستعرض أكبر 10 مجرات في الكون، مقدّمين نظرة مفصلة عن كل واحدة منها، وأرقاماً وإحصائيات تعكس مدى ضخامتها وتعقيدها.
1. المجرة IC 1101 : العملاق الأكبر
تُعد المجرة IC 1101، التي تقع على بعد حوالي 1.04 مليار سنة ضوئية في كوكبة العذراء، أكبر مجرة معروفة في الكون. تمتد هذه المجرة الإهليلجية العملاقة عبر 6 ملايين سنة ضوئية، مما يجعلها أكبر مجرة من حيث القطر المسجل حتى الآن. تحتوي على أكثر من 100 تريليون نجم، وهو عدد يفوق ما تحتويه مجرتنا درب التبانة بأكثر من 50 مرة.
يتجاوز حجم IC 1101 بشكل كبير المجرات الأخرى، وهذا يعود إلى اندماجها مع العديد من المجرات الأصغر عبر مليارات السنين. عملية الاندماج هذه ساهمت في تكوين هيكلها الهائل وزيادة كتلتها. كتلة المجرة تعادل حوالي 100 تريليون ضعف كتلة الشمس، مما يجعلها واحدة من أثقل المجرات المعروفة. تمتاز المجرة أيضًا بوجود ثقب أسود هائل في مركزها، تقدر كتلته بأكثر من 40 مليار كتلة شمسية، وهو أحد أكبر الثقوب السوداء المعروفة في الكون.
2. المـجرة Hercules A: مجرة الراديو الهائلة
Hercules A، المعروفة أيضًا باسم 3C 348، هي مجرة إهليلجية ضخمة تبعد حوالي 2.1 مليار سنة ضوئية عن الأرض في كوكبة هرقل. ما يميز هذه المجرة هو انبعاثات الراديو القوية الناتجة عن ثقب أسود هائل في مركزها. يمتد حجم Hercules A عبر حوالي 1.5 مليون سنة ضوئية، وتحتوي على حوالي 30 تريليون نجم.
ينبعث من الثقب الأسود المركزي نفاثات من البلازما تمتد لمسافة تصل إلى مليون سنة ضوئية، مما يجعلها واحدة من أقوى مصادر الراديو في السماء. يُعتقد أن كتلة الثقب الأسود في مركز المجرة تبلغ حوالي 4 مليارات ضعف كتلة الشمس. تساهم هذه النفاثات في التأثير على البيئة المحيطة بالمجرة، مما يحد من تكوين النجوم في المناطق القريبة.
3. ESO 306-17: الوحش الكتلي
تقع المجرة ESO 306-17 على بعد حوالي 500 مليون سنة ضوئية في كوكبة الكوثل. تُعتبر هذه المجرة واحدة من أكثر المجرات كتلة في الكون، حيث تزن حوالي 100 تريليون ضعف كتلة الشمس. يبلغ قطرها حوالي 1.2 مليون سنة ضوئية، وتحتوي على مليارات النجوم.
هذه المجرة هي عضو في تجمع مجرات Abell 2744، المعروف باسم “تجمع الرصاصة”، والذي يحتوي على بعض من أكثر التجمعات المجرية كثافة. يُعتقد أن ESO 306-17 نشأت من اندماج عدة مجرات صغيرة عبر الزمن، مما أدى إلى تكوين هيكلها الضخم. يشير العلماء إلى أن المجرة تحتوي على كمية هائلة من المادة المظلمة، التي تشكل حوالي 90٪ من كتلتها الإجمالية.
4. مجـرة NGC 4874: المركز العملاق لتجمع كوما
NGC 4874 هي مجرة إهليلجية عملاقة تقع في مركز تجمع كوما المجري، على بعد حوالي 320 مليون سنة ضوئية من الأرض. تمتد عبر حوالي 1 مليون سنة ضوئية، وتحتوي على حوالي 30 تريليون نجم. يُعتبر تجمع كوما أحد أكبر التجمعات المجرية المعروفة، ويحتوي على آلاف المجرات الأخرى.
تتميز NGC 4874 بهالة هائلة من النجوم، تمتد على مسافة كبيرة من مركز المجرة. يُعتقد أن هذه الهالة تكونت نتيجة لاندماج المجرات الصغيرة التي أُسقطت في المجرة الأم عبر الزمن. تحتوي NGC 4874 أيضًا على كمية هائلة من المادة المظلمة، التي تساهم بشكل كبير في كتلتها الإجمالية.
5. مجرة UGC 2885: “المجرة التي لا تنتهي”
تقع UGC 2885، المعروفة أيضًا باسم “مجرة روبن”، على بعد حوالي 232 مليون سنة ضوئية في كوكبة فرساوس. تُعد واحدة من أكبر المجرات الحلزونية المعروفة، حيث يبلغ قطرها حوالي 832,000 سنة ضوئية. تحتوي على حوالي 1 تريليون نجم، وهو عدد كبير جدًا مقارنة بالمجرات الحلزونية الأخرى.
تمتاز UGC 2885 بأذرعها الحلزونية الطويلة والواسعة، التي تمتد بشكل جميل عبر الفضاء. يُعتقد أن المجرة اكتسبت حجمها الكبير نتيجة لعمليات الاندماج والتراكم مع مجرات أخرى أصغر على مدى مليارات السنين. تُظهر المجرة معدلات تكوين نجوم أقل من المتوقع، مما يشير إلى أنها قد استهلكت معظم غازها المكوّن للنجوم.
6. مجـرة NGC 1275: القوة النشطة في قلب بيرسيوس
NGC 1275 هي مجرة إهليلجية نشطة تقع في قلب تجمع مجرات بيرسيوس، على بعد حوالي 237 مليون سنة ضوئية من الأرض. تمتد عبر حوالي 300,000 سنة ضوئية، وتحتوي على حوالي 100 مليار نجم. تتميز NGC 1275 بانبعاثاتها القوية من أشعة إكس والراديو، نتيجة للنشاط الكبير لثقبها الأسود المركزي.
يمتد تأثير الثقب الأسود المركزي عبر مسافات كبيرة، حيث ينبعث منه نفاثات قوية من البلازما التي تؤثر على البيئة المحيطة بالمجرة. يُعتقد أن كتلة الثقب الأسود في مركز NGC 1275 تبلغ حوالي مليار ضعف كتلة الشمس. تساهم هذه الطاقة في تسخين الغاز المحيط بالمجرة، مما يقلل من تكوين النجوم.
7. مجرة M87: موطن الثقب الأسود الهائل
M87، المعروفة أيضًا باسم Virgo A، هي مجرة إهليلجية ضخمة تقع على بعد حوالي 53 مليون سنة ضوئية في كوكبة العذراء. تمتد عبر حوالي 980,000 سنة ضوئية، وتحتوي على حوالي 2.7 تريليون نجم. ما يجعل M87 فريدة من نوعها هو وجود واحد من أكبر الثقوب السوداء المعروفة في الكون، الذي تم تصويره لأول مرة في عام 2019 بواسطة مشروع “تلسكوب أفق الحدث”.
الثقب الأسود في مركز M87 لديه كتلة تقدر بحوالي 6.5 مليار كتلة شمسية. ينبعث منه نفاثات قوية من البلازما تمتد لمسافات شاسعة خارج المجرة. هذه النفاثات هي مصدر قوي لانبعاثات الراديو، وتؤثر بشكل كبير على الغاز المحيط بالمجرة، مما يحد من تكوين النجوم.
8. مجرة NGC 6872: المجرة الحلزونية العملاقة
NGC 6872 هي واحدة من أكبر المجرات الحلزونية المعروفة، وتقع على بعد حوالي 212 مليون سنة ضوئية في كوكبة الطاووس. يمتد قطر المجرة عبر حوالي 522,000 سنة ضوئية، مما يجعلها واحدة من أوسع المجرات الحلزونية المسجلة.
تمتاز NGC 6872 بأذرعها الحلزونية الطويلة والملتوية، التي تمتد بعيدًا عن مركز المجرة. يُعتقد أن هذه الأذرع تشكلت نتيجة لتفاعل جاذبي مع مجرة أخرى أصغر تدعى IC 4970، مما أدى إلى تمدد الأذرع وتشكيل هيكل معقد. تحتوي المجرة على كمية كبيرة من الغاز، مما يدعم معدلات تكوين النجوم العالية في أذرعها.
9. مجرة Andromeda: الجارة العملاقة
مجرة أندروميدا، المعروفة أيضًا باسم M31، هي أكبر مجرة في المجموعة المحلية التي تضم درب التبانة. تقع على بعد حوالي 2.5 مليون سنة ضوئية، وتمتد عبر حوالي 220,000 سنة ضوئية. تحتوي على ما يقرب من 1 تريليون نجم، مما يجعلها أكبر مجرة حلزونية في منطقتنا الكونية.
تشير الدراسات إلى أن مجرة أندروميدا ودرب التبانة في طريقهما للاصطدام في غضون 4.5 مليار سنة، مما سيؤدي إلى اندماج المجرتين وتكوين مجرة جديدة ضخمة. تحتوي أندروميدا على عدة أذرع حلزونية، وهي موطن لملايين النجوم الشابة، مما يجعلها واحدة من أكثر المجرات إثارة للاهتمام في السماء.
10. المجرة NGC 262: مجرة عملاقة في العنقاء
NGC 262 هي مجرة إهليلجية ضخمة تقع على بعد حوالي 200 مليون سنة ضوئية في كوكبة العنقاء. تمتد عبر حوالي 1 مليون سنة ضوئية، وتحتوي على حوالي 1.7 تريليون نجم. تُعتبر هذه المجرة واحدة من أكبر المجرات في المجموعة المحلية، وتتميز بمعدلات تكوين نجوم منخفضة.
تحتوي NGC 262 على كمية كبيرة من الغاز، ولكنها تُظهر معدلات تكوين نجوم منخفضة مقارنة بحجمها. يُعتقد أن هذا يعود إلى تأثيرات الجاذبية الناتجة عن تفاعلاتها مع المجرات المحيطة بها، مما يحد من قدرتها على تكوين نجوم جديدة.
تمثل هذه المجرات العشر أكبر الأجرام السماوية في الكون من حيث الحجم والكتلة، وهي تعكس تنوعًا مذهلاً في الأشكال والتركيبات. من المجرات الإهليلجية الهائلة إلى الحلزونية الجميلة، كل واحدة منها تحمل قصصًا معقدة من التطور والتفاعل. من خلال دراسة هذه المجرات، يمكننا فهم المزيد عن كيفية تشكل وتطور الكون على مدار مليارات السنين.
يبقى الكون مليئًا بالغموض، ومع التقدم التكنولوجي المستمر، قد نكتشف في المستقبل المزيد من المجرات العملاقة التي ستذهلنا بحجمها وتعقيدها.
مقال أخر: نظرية الانفجار الكبير : القصة الكاملة لأكثر النظريات العلمية إثارة للجدل عبر التاريخ