يُعدّ الكون ساحة عرض مذهلة تتجلى فيها القوة والعظمة من خلال نجومه العملاقة التي تتفوق في حجمها وإضاءتها على شمسنا بأضعاف مضاعفة. على مدار القرون، سعى الفلكيون إلى فهم هذه العمالقة السماوية، واستكشاف خصائصها، وأحجامها، وتأثيرها على الكون. في هذه المقالة، سنأخذك في رحلة عبر أكبر 10 نجوم في الكون المعروف، مسلطين الضوء على تفاصيل كل نجم، بما في ذلك الحجم، والسطوع، والتركيب، والمسافة من الأرض. سنحاول أيضًا تقديم نظرة شاملة على دور هذه النجوم في فهمنا للكون. دعونا نبدأ الرحلة.
1. يو واي سكوتي (UY Scuti)
يُعتبر “يو واي سكوتي” أكبر النجوم حجماً في الكون المعروف حتى الآن. يقع في كوكبة الدرع، وهو عملاق أحمر يقدر نصف قطره بحوالي 1700 مرة نصف قطر الشمس. إذا وُضع هذا النجم في مركز نظامنا الشمسي، فإن حدّه الخارجي سيمتد إلى ما بعد مدار كوكب المشتري. إن ضخامة “يو واي سكوتي” لا تقتصر على حجمه فحسب، بل تتجلى أيضاً في سطوعه الهائل الذي يفوق سطوع الشمس بحوالي 340,000 مرة. رغم أنه يبعد عن الأرض 9,500 سنة ضوئية، إلا أن تأثيره الثقالي والإشعاعي هائل. يُعتقد أن “يو واي سكوتي” يقترب من نهاية حياته، ومن المتوقع أن ينفجر كسوبرنوفا في غضون بضعة ملايين من السنين، مما سيترك أثراً كبيراً على محيطه الكوني.
2. في واي الكلب الأكبر (VY Canis Majoris)
يقع نجم “في واي الكلب الأكبر” في كوكبة الكلب الأكبر، وهو من بين أكبر النجوم المعروفة حجماً وإضاءةً. يبلغ نصف قطره حوالي 1,420 مرة نصف قطر الشمس، وعلى الرغم من أن حجمه ليس الأكبر، إلا أنه يُعد واحداً من أكثر النجوم لمعاناً في سماء الليل. يبلغ سطوع هذا النجم حوالي 270,000 مرة سطوع الشمس، ويبعد عن الأرض حوالي 3,900 سنة ضوئية. يتكون هذا النجم من نسبة عالية من الهليوم والعناصر الثقيلة، مما يشير إلى أنه قد استنفد جزءاً كبيراً من وقوده الهيدروجيني، وهو ما يؤهله للانفجار كـ”سوبرنوفا” في المستقبل القريب نسبياً.
3. ال سيبي (RW Cephei)
نجم “ال سيبي” هو عملاق ضخم آخر يقع في كوكبة الملك قيصر (Cepheus). يبلغ نصف قطره حوالي 1,535 مرة نصف قطر الشمس، مما يجعله من بين أكبر النجوم في الكون. رغم بعده الشاسع عن الأرض بحوالي 11,500 سنة ضوئية، إلا أن سطوعه الهائل، الذي يُقدر بحوالي 500,000 مرة سطوع الشمس، يجعله مرئياً من خلال التلسكوبات الأرضية. يتميز هذا النجم بلونه البرتقالي إلى الأحمر، ودرجة حرارة سطحه البالغة حوالي 3,500 كلفن، مما يجعله نجمًا بارزًا في هذه الكوكبة.
4. دبليو أو إتش جي 64 (WOH G64)
يقع هذا النجم في سحابة ماجلان الكبرى، وهو عملاق أحمر يبلغ نصف قطره حوالي 1,540 مرة نصف قطر الشمس. يُعتبر “دبليو أو إتش جي 64” أحد أكبر النجوم في مجرتنا المجاورة، على بعد 163,000 سنة ضوئية من الأرض. بكتلة تُقدر بحوالي 25 ضعف كتلة الشمس، و سطوع يقارب 200,000 مرة سطوع الشمس، يعكس هذا النجم حقبة متقدمة من حياة النجوم العملاقة. يحتوي هذا النجم على كميات كبيرة من الأكسجين والكربون، مما يشير إلى أنه في نهاية مرحلة الاحتراق النووي، حيث يقترب من الانفجار كـ”سوبرنوفا”، وهو ما يساهم في فهم تطور النجوم العملاقة وتأثيرها على البيئة الكونية المحيطة بها.
5. منكب الجوزاء (Betelgeuse)
منكب الجوزاء هو نجم عملاق أحمر يقع في كوكبة الجبار، ويُعتبر من أكثر النجوم سطوعاً في سماء الليل. يبلغ نصف قطره ما بين 950 و 1,200 مرة نصف قطر الشمس، مما يجعله أحد أكبر النجوم التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة. يبعد منكب الجوزاء حوالي 642 سنة ضوئية عن الأرض، ويتميز بسطوع يفوق سطوع الشمس بحوالي 100,000 مرة. يُعتبر هذا النجم في مرحلة ما قبل الانفجار، حيث يُتوقع أن يتحول إلى سوبرنوفا في أي وقت خلال المئة ألف سنة القادمة. ومن المتوقع أن يكون لهذا الانفجار تأثير هائل على المنطقة المحيطة به، وربما يترك وراءه نجمًا نيوترونيًا أو ثقبًا أسود.
6. النجم الأحمر العملاق “الصليب الأحمر” (VX Sagittarii)
يقع هذا النجم في كوكبة الرامي، وهو نجم عملاق أحمر يبلغ نصف قطره حوالي 1,520 مرة نصف قطر الشمس. يتميز “الصليب الأحمر” بتغيرات دورية في حجمه وسطوعه، نتيجة لنبضات داخلية تحدث في نواته. هذه التغيرات تجعل النجم يبدو وكأنه يتنفس، حيث يتمدد وينكمش بشكل دوري. رغم بعده عن الأرض حوالي 5,100 سنة ضوئية، إلا أن سطوعه الكبير الذي يصل إلى 100,000 مرة سطوع الشمس يجعله مرئياً من مسافات بعيدة. إن دراسة هذه النبضات الدورية تساعد العلماء على فهم كيفية تطور النجوم العملاقة وتفاعلها مع البيئة المحيطة بها.
7. واي واي كانس فيناتيكي (YY Canis Venatici)
يقع هذا النجم في كوكبة الكلاب الصيادة، وهو نجم عملاق أحمر يقدر نصف قطره بحوالي 1,420 مرة نصف قطر الشمس. يتميز بسطوعه العالي وتغيراته المستمرة، حيث يُظهر هذا النجم تغيرات كبيرة في سطوعه بسبب عدم استقراره الداخلي. يبعد عن الأرض حوالي 2,600 سنة ضوئية، ويبلغ سطوعه حوالي 130,000 مرة سطوع الشمس. تساعد دراسة هذه التغيرات في فهم العمليات الداخلية التي تحدث داخل النجوم العملاقة وكيفية تطورها.
8. الدجاجة إن أو (NML Cygni)
يُعد “إن أو الدجاجة” أحد أكبر النجوم المعروفة في الكون. يقع في كوكبة الدجاجة، ويبلغ نصف قطره حوالي 1,650 مرة نصف قطر الشمس. يتميز هذا النجم بكونه مغطىً بغبار كثيف، مما يجعله يصعب رؤيته في الأطوال الموجية المرئية. يبعد عن الأرض حوالي 5,300 سنة ضوئية، ويبلغ سطوعه حوالي 270,000 مرة سطوع الشمس. يحتوي غلافه الجوي على كميات كبيرة من الغبار، مما يجعله من أغنى النجوم بالغبار في الكون. إن دراسة هذا النجم تساعد العلماء في فهم كيفية تشكل وتوزيع الغبار في المجرات.
9. إبسيلون التنين (Epsilon Aurigae)
يُعتبر هذا النجم أحد أكثر النجوم غموضاً في السماء. يقع في كوكبة ممسك الأعنة، ويبلغ نصف قطره حوالي 1,500 مرة نصف قطر الشمس. يتميز هذا النجم بنظامه الثنائي المعقد، حيث يختفي ضوء النجم الرئيسي بشكل دوري خلف جسم مظلم يُعتقد أنه قرص غباري. هذا النظام الفريد يجعل دراسة إبسيلون التنين مهمة لفهم كيفية تشكل وتطور النجوم الثنائية. يبعد النجم عن الأرض حوالي 2,000 سنة ضوئية، ويبلغ سطوعه حوالي 60,000 مرة سطوع الشمس. يُظهر هذا النظام دورة مدارية تستغرق حوالي 27 سنة، مما يجعله موضوعًا مثيرًا للدراسة الفلكية.
10. واسترلاند 1-26 (Westerlund 1-26)
يقع هذا النجم العملاق في كوكبة المجمرة، ويبلغ نصف قطره حوالي 1,530 مرة نصف قطر الشمس. يُعد “واسترلاند 1-26” واحداً من أكبر النجوم في عنقود “واسترلاند 1″، الذي يُعتبر واحداً من أكبر العناقيد النجمية في مجرتنا. على الرغم من بُعده عن الأرض بحوالي 11,500 سنة ضوئية، إلا أن سطوعه الهائل الذي يُقدر بحوالي 380,000 مرة سطوع الشمس يجعله واحداً من ألمع النجوم في عنقوده. يُعتقد أن هذا النجم في مرحلة متقدمة من حياته، ومن المتوقع أن ينفجر كسوبرنوفا في غضون بضعة ملايين من السنين، مما سيساهم في إثراء الفضاء المحيط بعناصر ثقيلة جديدة.
إن استكشاف أكبر النجوم في الكون يعطينا نظرة عميقة على مدى تعقيد وتنوع الأجرام السماوية. كل نجم من هذه النجوم العشرة يمثل معجزة كونية في حد ذاته، يحكي قصة عن تطور النجوم وتأثيرها على الكون المحيط. من “يو واي سكوتي” العملاق إلى “واسترلاند 1-26” في عنقود المجمرة، يظل الكون حافلاً بالأسرار التي تنتظر من يستكشفها ويفهمها. هذه النجوم ليست مجرد كرات غازية عملاقة، بل هي شواهد على تاريخ طويل ومعقد للكون، وستبقى دائماً محط اهتمام ودراسة لعشاق الفلك والعلوم.
مقال أخر : نظرية الانفجار الكبير : القصة الكاملة لأكثر النظريات العلمية إثارة للجدل عبر التاريخ