فرضية الجدار الجليدي واحدة من أكثر الأفكار الغريبة إثارة للجدل والتي ظهرت خلال العصر الحديث بجانب أفكار وفرضيات أخرى كفرضية الارض المجوفة والارض المسطحة . هذه الفرضية تعارض فهمنا للعالم والجغرافيا بل وحتى الواقع نفسه . تنبني الفرضية على فكرة أن الأرض ليست كروية ، بل هي مسطحة ومحاطة بجدار جليدي هائل يمنعنا من السقوط عن حافة الارض . حيث تحاول حكومات العالم اخفاء حقيقة ما وراء الجدار والكائنات التي تعيش هناك بل وتدعي أن تلك المنطقة ممنوعة على الناس العاديين دخولها لكي لا يكتشفوا المؤامرة التي تحاك على البشرية ، على الرغم من رفضها من قبل العلم السائد، استحوذت على خيال عدد لا كبير من الناس والشيء الوحيد المشترك بينهم أنهم جميعا يؤمنون بنظرية الارض المسطحة حيث أن فكرة الجدار الجليدي تعتبر من أهم أعمدتها الاساسية . لكن ما هي قصة وحقيقة الجليدي ومن هو أول من نشر هذه الفكرة للعلن , والأهم ما هي الأدلة العلمية التي تدعمها وفي المقابل الأدلة التي تضحدها ؟ وما هو رأي غالبية جمهور فقهاء المسلمين ؟

فكرة الأرض المسطحة ليست شيء جديد بل سبقت العلم الحديث بآلاف السنين , فقد كانت الحضارات القديمة، من البابليين للإغريق، تعتقد وتؤمن بأن الأرض مسطحة . و في القرن السادس قبل الميلاد بدأ الفلاسفة اليونانيون مثل فيثاغورس بالتفكير خارج الصندوق وطرح ومناقشة فكرة أن الأرض في الحقيقة ليست مسطحة وانما كروية . وبحلول عصر أرسطو ، أصبح نموذج الأرض الكروي مقبولًا على نطاق واسع بين الفلاسفة والعلماء على حد سواء .
إقرأ أيضا : أغرب 7 أمراض نفسية عبر التاريخ: قصص وظواهر غير مألوفة في عالم الطب النفسي
غير أن الرجل الذي غير المعادلة وقلب الموازين هو إراتوستينس عالم رياضيات وجغرافي وفلكي يوناني والذي عاش (حوالي 276–194 قبل الميلاد) حيث استطاع بالصدفة تقديم واحد من أقدم وأدق الحسابات لمحيط الأرض ، وأثبت بالرياضيات وبدون الحاجة الى ناسا كروية الأرض . كانت طريقته بسطة وسهلة جدا , فقد كان إراتوستينس في مدينة أسوان عند الظهيرة في يوم الانقلاب الصيفي حيث تكون الشمس متعامدة مباشرة فوق الرأس وتفاجأ بأن الأشياء العمودية ليس لها ضل وضوء الشمس ينعكس من قاع البئر . لكن الصادم أنه في فترة من الفترات وعند الظهيرة في نفس اليوم من السنة كان يتواجد في **الإسكندرية**، غير أن الأجسام العمودية كان لها ظل . مما يدل على أن أشعة الشمس كانت تسقط على الإسكندرية بزاوية منحنية، وليس بشكل مباشر من الأعلى كما في اسوان.

أستنتج العالم إراتوستينس بذكاء وحكمة أن التفسير الوحيد لهذا الاختلاف هو أن سطح الأرض يجب أن يكون منحنيًا. اما إذا كانت الأرض مسطحة ، لكانت أشعة الشمس سقطت على جميع المواقع والاجسام بنفس الزاوية ، ولما كانت هناك ظلال في أي من الموقعين . وباستعمال ضل عصاه وبعض الحسابات الرياضية وجد أن الزاوية الضل كانت حوالي **7.2 درجة**، أو 1/50 من دائرة كاملة (360 درجة) . وخلص الى أن محيط الأرض يبلغ حوالي 40,075 كيلومترًا, لم تثبت تجربة إراتوستينس كروية الأرض علميا فحسب ، بل أثبت قوة الملاحظة والهندسة والمنطق في فهم العالم الذي نعيش فيه . ومازالت طريقة إراتوستينس تُعتبر كواحدة من أقدم الأمثلة على التجربة العلمية، ولا تزال إنجازً كبير يدرس في مختلف جامعات العالم .
انبعاث نظرية الارض المسطحة من جديد
لكن بالرغم من ذلك وبسبب الافكار الدينية الزائفة والخرافات المنتشرة التي كانت تسيطر على المجتمعات انذاك اكثر من التحليل العلمي المنطقي , استمر الكثير من الناس في رفض النتيجة المنطقية لتجربة إراتوستينس ومن سبقوه من العلماء . الاهتمام بنظرية الارض المسطحة ازداد بشكل كبير في القرن التاسع عشر على يد رجل يدعى صامويل روثباثام ، صامويل هو مخترع وكاتب إنجليزي ، و أحد أبرز الشخصيات التاريخية التي أعادت احياء فكرة الارض المسطحة في اذهان الجماهير من خلال كتابًه *علم الفلك الزيتي: الأرض ليست كروية* عام 1849 . في ذلك الكتاب جادل روثباثام بأن الأرض عبارة عن قرص مسطح يشبه البيتزا ، مع وجود القطب الشمالي في مركزها وجدار جليدي يحيط بالحواف الخارجية . وادعى صامويل أن هذا الجدار الجليدي هو ما صادفه المستكشفون في أنتاركتيكا . ووفقًا لهذا التفسير ، فالجرف الجليدي في أنتاركتيكا بالنسبة لهم ليس قارة في أسفل الكرة الأرضية ، بل هو حاجز ضخم لا يمكن اختراقه يحيط بالأرض .

وبطبيعة الحال تجاهل معظم المجتمع العلمي أفكار روثباثام بسبب عدم وجود أدلة تدعمها في حين يوجد أدلة تنسفها ، غير أنه وكما هي عادة الشعوب فهي غالبا ما تميل الى المجهول الغير مفسر والغيبيات الغامضة , حيث وجدت الفرضية قبولا بين شريعة واسعة من الناس بل وتاسست عليها مجموعات وجمعيات . منهم من يبحث عن الحقيقة فعلا ومنهم من يتبنى النظرية ضدا وعنادا في العلم والمجتمع العلمي , في القرن العشرين ، تم تأسيس جمعية الأرض المسطحة ، وأصبحت فكرة الجدار الجليدي مبدأً وقاعدة أساسيًة في معتقداتهم .
كان تشارلز ك. جونسون، رئيس لهذه الجمعية من عام 1972 حتى وفاته في عام 2001 ، ,اصبح أشهر المؤيدين لفكرة الجدار الجليدي . كان جونسون شخصية كاريزمية كرّس جل حياته في الدفاع المستميت عن فرضية الأرض المسطحة . وكان يدعي بأن ناسا ووكالات الفضاء الأخرى ما هي سوى جزء من مؤامرة عالمية كونية لإخفاء حقيقية شكل الأرض . بعد وفاته عام 2001 أخذ نائبه وخليفته دانيال شينتون المشعل وأكمل الترويج لنظرية الجدار الجليدي . استخدم شينتون الإنترنت لنشر رسالته وأفكاره ، حيث أنشأ مواقع ومنتديات تجمع كل لأفراد المشتركين في نفس المعتقد .

أحد أغرب الاشياء التي ستصافدها في المؤمنين بهذه الفكرة هي قدرتهم العجيبة على تحوير الادلة سواء العلمية او الدينية القاطعة الغير قابلة للتأويل . على سبيل المثال، يجادلون بأن انحناء الأرض هو وهم ناتج عن انكسار الضوء. كما يدّعون أن صور الأرض من الفضاء مزيفة، تم إنشاؤها باستخدام الرسومات الحاسوبية . وفقًا لمؤيدي الأرض المسطحة، فإن الجدار الجليدي هو الدليل النهائي على نظريتهم ، لأنه يفسر سبب عدم قدرتنا على السفر إلى ما وراء حواف الأرض .
الأدلة على وجود الجدار الجليدي
الان دعوني أعطيكم بعض من أهم الادلة التي يعتمدون عليها في بناء معتقدهم حول الارض المسطحة ووجود الجدار الجليدي :
الدليل الاول هو معاهدة أنتاركتيكا التي تم توقيعها في عام 1959، حيث تعتبردليل على وجود مؤامرة بين قوى عالمية عظمى لإخفاء الجدار الجليدي عن عوام الناس . حيث يمنع على الاشخاص العاديين الدخول واستكشاف أنتاركتيكا بحرية ، وأن القوات العسكرية تقوم بدوريات في المنطقة لمنع أي شخص من بلوغ حافة الأرض .

غير أن الحقيقة هي أن معاهدة أنتاركتيكا تم إنشائها لنفي ملكيتها لاي طرف وتعزيز البحث العلمي السلمي وحماية بيئة القارة بشكل مشترك لا غير أي بعبارة أخرى محمية علمية مشتركة . بل ومن بنود الاتفاقية منع الأنشطة العسكرية والتعدين والاختبارات النووية ، ولا يوجد أي منع للدخول واستكشاف القارة الا في مخيلات من يؤمنون بهذه المؤامرات . بل على العكس تماما يزور آلاف العلماء والسياح أنتاركتيكا كل عام سنة ، ويمكنك الدخول الى الانترنت وحجر رحلة كاملة بكافة التكاليف وكل من سافر الى هناك ينفي وجود أي دليل على وجود جدار جليدي ضخم أو أي محاولات لإخفائه وهناك عشرات الفيديوهات على اليوتيوب التي توثق رحلات مستكشفين من كافة الجنسيات . الا اذا كنا سنعتبر كل اولائك المسافرين المدنيين والعلماء هم أيضا ضمن المؤامرة الكونية ومتعاونين مع الحكومات هنا . وأعتقد أنك ستصدم لو اخبرتك ان هناك حوالي 100 الف سائح يزور انتاركتيكا كل سنة , وسأضع لكم روابط لاشخاص سافروا للقطب الجنوبي ووثقوا رحلتهم وخير دليل انه لا يوجد أي منع وتستطيع التجول في القارة القطبية بكل حرية هو الرحالة الاردني مصطفة سلامة الذي قضى 47 يوم يتجول في القارة القطبية المتجمدة ولم يوقفه او يمنعه اي أحد
الدليل الثاني هو استحالة القيام بدورة كاملة حول أنتاركتيكا , يدعي المسطحون أنه لم يقم أحد بالدوران حول أنتاركتيكا بطريقة تثبت أن الأرض كروية .وإذا كانت كذلك ، فسيكون من الممكن الإبحار أو الطيران في خط مستقيم حول أنتاركتيكا ، لكن لم يتم إكمال مثل هذه الرحلة بنجاح أبدا . غير أن الحقيقة مجددا أنه تم الدوران حول أنتاركتيكا عدة مرات وبشكل موثق .
على سبيل المثال، في عام 1982، أكمل السير رانولف فينيس وفريقه أول رحلة استكشافية عالمية شملت الدوران حول الأرض عبر القطبين . في حين السفن والطائرات الحديثة تسافر بانتظام حول أنتاركتيكا ويمكنك الدخول للانترنت وتجد عشرات الرحلات الاسبوعية ، غير أن الصعب في الدوران حول قارة أنتاركتيكا ليس بسبب وجود جدار جليدي بل بسبب البيئة القاسية
الدليل الثالث الخرائط القديمة وخريطة بيري ريس , يدعي المسطحون ان خريطة بيري ريس، التي تم إنشاؤها في عام 1513، هي دليل على أن الحضارات القديمة كانت تعرف الجدار الجليدي وتناقلته الجلسات والحوارات بين النخبة والعامة .حيث يدعون أن هذه الخريطة تُظهر قارة أنتاركتيكا بشكل دقيق باعتبارها كتلة أرضية خالية من الجليد ، مما يشير إلى أن الحضارات السابقة كانت تعرف عن القارة القطبية والجدار الجليدي المحيط بها .

لكن الحقيقة هي أن خريطة بيري ريس لا تصور قارة القطبية بدقة . والكتلة الأرضية التي يتم تحديدها على انها أنتاركتيكا في الخريطة هي على أقوى ترجيح تمثيل لأمريكا الجنوبية أو مجرد إضافة تخمينية بناءً على معرفة غير كاملة بتلك المنطقة من الارض . ضف عليها أنه لا يوجد دليل على أن الحضارات القديمة عرفت عن أنتاركتيكا أو جدار جليدي .
الدليل الرابع هو وجود حافة العالم والجدار الجليدي في الأساطير والفولكلور الشعبي للكثير من الدول , الكثير من مؤيدي فرضية الجدار الجليدي والارض المسطحة هما فرضية واحدة يجادلون بأنه لا يوجد دخان بلا نار , والتالي وجود الدار الجليدي في الكثير من الأساطير والفولكلور يدل على أن الشعوب القديمة كانت على علم بوجوده , كل ما يحتاجه الامر هو اثبات وجوده بالدليل فقط
على الرغم من أن فرضية الدار الجليدي الى اليوم ليس عليها اي دليل كيفما كان ولو حتى صورة ضبابية بالابيض والاسود , الا ان الاعتماد على الاساطير والخرافات لاثبت وجوده على ارض الواقع سيفتح الباب لكوارث وكلام لن ينتهي , فوجود الغول في الثقافة الشعبية العربية هو دليل على وجوده , ووجود التنين في الثقافة الاسيوية دليل على انه لربما موجود , وجود أساطير متشابهة في ثقافات مختلفة هو على الأرجح انعكاس للإبداع البشري والرغبة في تفسير المجهول ، وليس دليل علمي على وجود جدار جليدي . لان الانسان العلمي اخر ما قد يفكر فيه هو الاعتماد على اسطورة لاثبات نظرية علمية . في هذه المقالة عرضت لكم أربع أدلة والرد العلمي عليها , في حين مازال هناك الكثير من الادلة الاخرى وكلها تم الرد عليها بالحجة والبرهان
هنا شيء غريب مشترك في اصحاب نظريات المؤامرة والارض المسطح خصوصا هو احتقارهم للعلم والعلماء بمختلف مجالاتهم , فهم بالنسبة لهم مجرد كفار غير مؤمنين لا يجب علينا الاخذ بأقوالهم . بناء على هذا المقياس , أذن من أين سآخذ الادلة والبراهين؟ , يجيبك من الدين والفقهاء والعلماء المسلمين .
أقوال العلماء المسلمين في شكل الارض
حسنا لنرى ماذا قال اشهر فقهاء المسلمين ومفسري القران الكريم في موضوع الارض المسطحة والتي تنبني عليها فرضية الجدار الجليدي
جاء في القران الكريم قوله تعالى **{وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} سورة (النازعات: 30). وقال تعالى: **{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}** (الزمر: 5) هذه أشهر أيتين تقرب للقارئ مفهوم كروية الارض طيب من دعم هذا التفسير من العلماء والمفسرين
نبدأ بشيخ الإسلام ابن تيمية واسم الرجل لوحده يكفي كدليل قال في (مجموع الفتاوى): نفى بعض الجهال أن تكون الأفلاك مستديرة، فمنهم من ينفي ذلك جزما، ومنهم من ينفي الجزم به على كل أحد، وكلاهما جهل. فمن أين له نفي ذلك أو نفي العلم به عن جميع الخلق، ولا دليل له على ذلك إلا ما قد يفهمه بفهمه الناقص. هذا وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة،
لم يتوقف هنا بل في نفس المؤلف مجموع الفتاوي الجزء 5 صفحة 150 قال بالحرف : اعلم أن الارض قد اتفقوا على أنها كروية الشكل وهي في الماء المحيط بأكثرها
أما العلامة الاندلسي الكبير ابن حزم فقد قال في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل : إن أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض، ولا يحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة، بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها … ثم أضاف ابن حزم في مؤلف (الفقه والمقارنة بين الأديان) وقال : “إن البراهين قد قامت على أن الأرض كروية، والعامة تقول غير ذلك، ولا حجة لهم إلا ظواهر بعض الآيات.”
أما المفسر ابن النفيس فقال في شرح تشريح القانون لابن سينا صفحة 112 فقال بالحرف : الأرض كرة فالبعيد جدا ما هو على ظاهر الارض ينستر عن الرؤية بحدبة لارض , في حين الشريف الادريسي في كتاب نزهة المشتاق في اختراق الافاق صفحة 7 قال : إن الذي تحصل من كلام الفلاسفة وجلة لعلماء وأهل النظر في علم الهيئة أن الأرض كرة مدورة كتدوير الكرة والماء لاصق بها وراكد عليها ركودا طبيعيا لا يفارقها ولارض والماء مستقران في جوف الفلك كالمحة في جوف البيضة .
يقول شمس الدين الذهبي في كتاب مختصر العلو للعلي الغفار صفحة 76 : الأرض في وسط السماء كبطيخة في جوف بطيخة والسماء محيطة بها من جميع جوانبها وأن أسفل العالم هو جوف كرة الارض
اما الإمام جلال الدين السيوطي أبرز علماء الإسلام في القرن التاسع الهجري فقال في كتاب (الحاوي للفتاوى) : “الحاوي للفتاوى” وأما الأرض فجمهور العلماء على أنها كروية، وهو قول أكثر أهل العلم، ودلائل ذلك من الكتاب والسنة كثيرة.”
لاحظ معي أن الأسماء في علم الفقه والحديث والتفسير التي استشهدت بها على نظرية كروية هي الارض هي أسماء لا يعلى عليها في التاريخ الاسلامي , ولا يمكن لاي عاقل أن يدعي فهمه للايات القرانية أكثر منهم , لكن الواقع يقول أن بعض المراهقين الذين شاهدو فيديو هنا وهناك اصبحوا مقتنعين أنهم افهم واعلم منهم , المصيبة أن فكرة كروية الارض موجودة قبل مئات السنين في وقت لم يكن هناك لا ناسا ولا سبيس اكس . كل ما في الامر ان العلماء المسلمون اعتمدوا على الأدلة العقلية والحسية بالإضافة إلى النصوص الشرعية . فكروية الأرض في عصرنا الحالي مثبتة بالبراهين والدلائل العلمية التي لا تقبل الجدل وكل ما عدى ذلك فهو عناد ومكابرة لا غير .
اما لمن ما زال يستدل بالاية الكريمة التي تقول {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}** (الغاشية: 20) ، فغالبية المفسرين قالو ان كلمة “سُطِحَتْ” تعني بسطت وجعلت صالحة للحياة وليست دليلًا على التسطح الهندسي . فالتسطيح في اللغة العربية لا يعني بالضرورة الاستواء التام ، بل الإعداد والتهيئة للحياة . وهي مفهومة وواضحة منطقيا حيث ان الارض فعلا شكلها بمنظورنا البشري فحين نمشي على الارض لا نحس أبدا بأنها كرة لعظمة حجمها وميكروسكوبية حجمنا وهذا شيء منطقي وهو ذات السبب في عدم احساسنا بحركتها السريعة
قال ابن القيم في كتابه “مفتاح دار السعادة”: “والأرض جسم كبير كروي، وهو في وسط الفلك كالنقطة في الدائرة، لا يفضل جزء منه على جزء في التأثير، وهو مستدير كما قال أهل الهيئة، وإنما يظهر الاستواء في بعض الأماكن لانبساطها.”
أما فخر الدين الرازي في كابه مفاتيح الغيب فقال : ومن الناس من استدل بهذا الاية “والى الارض كيف سطحت” على ان الارض ليست بكرة وهو ضعيف , لان الكرة اذا كانت في غاية العظمة يكون كل قطعة منها السطح
هناك اية أخرى وهي قوله تعالى : وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهار . في أحد أشهر كتب التفسير لمؤلفه أبو حيان الغرناطي، في كتاب البحر المحيط أحد أبرز علماء التفسير واللغة في التاريخ الإسلامي فقال : ثبت بالدليل أن الارض كرة ولا ينافي ذلك قوله مد الارض وذلك أن الارض جسم عظيم , والكرة اذا كانت في غاية الكبر كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح
في حين 31 من كبار الفقهاء والمفسرين المسلمين الذين تبنوا فكرة كروية الارض 8 فقط منهم اعتقدوا بتسطيحها , لكن ما ستلاحظه أن الاسماء التي دعمت تكوير الارض هي اسماء ذات الوزن الثقيل في التفسير والفقه في حين أن الاسماء الاخرى التي ادعت بالتسطيح قد يسمعها المرء للمرة الاولى
– علماء مسلمين قالوا بكروية الارض 1- ابن المنادي 2- ابن حزم 3- ابن الجوزي 4- ابن تيمية 5- ابن القيم 6- ابن كثير 7- الذهبي 8- أبو حامد الغزالي 9- ابن جزي 10- الدارني 11- أبو حيان 12- ابن الخطيب 13- الجويني 14- الإيجي 15- ابن عادل 16- الألوسي 17- نظام الدين النيسابوري 18- البيضاوي 19- الرازي 20- أبو الوفاء بن عقيل 21- الشوكاني 22- الشيخ أحمد شاكر 23- الشنقيطي 24- محمد رشيد رضا 25- السعدي 26- ابن باز 27- ابن العثيمين 28- الألباني 29- ابن جبرين 30- الفوزان 31- الشعراوي ، وكل المعاصرين ومن نقل الإجماع منهم : ابن تيمية ، ابن حزم ، ابن المنادي ، ابن جزي الكلبي ، ابن الجوزي ، الشنقيطي ، ابن عثيمين ، نظام الدين النيسابوري
ثمانية تبنوا التسطيح وهم : القرطبي ، القحطاني ، الماوردي ، عبد القاهر البغدادي ، جلال الدين المحلي ، ابن عطية (وذكر التكور كرأي ثانٍ)، علاء الدين الخازن ، الثعالبي (نقلا عن ابن عطيه) .
نظريات تهدد الصحة العقلية
ما يجعل هذه الفرضية خطيرة على الانسان هي انها توصل الشخص لمستوى خطير من الشك والوسواس القهري , حيث تجد المؤمن بفكرة الجدار الجليدي يشك في كل شيء يكتشفه العلم بدعوى انها مؤامرة ماسونية , وان العلماء ما هم الا كفار لا يريدون الخير للبشرية , ذلك الشك يبلغ مستوى مرضي حيث يحتاج فيه الشخص الى طبيب نفسي لانه ينكر كل او غالبية الاكتشافات العلمية الحديثة , بل تجدهم يحرضون الاباء على عدم دعم أطفالهم في تعلم العلوم كالفيزياء والكيمياء والفلك لانهم يعتبرونها علوم كافرة مزيفة . وبالتالي تأثيرهم لا يختلف عن تأثير القس جيم جونز الذي استطاع جمع أتباع من حوله في مدينة بالولايات المتحدة الامريكية وأقنعهم ان العامة قد اقتربت فحثهم على الانتحار وكلذك كان استمعو له وشربوا السم في حفلة انتحار جماعي راح ضحيتها أكثر من 800 انسان منهم اطفال صغار ,

المؤمن بالارض المسطحة والجدار الجليدي انسان لا يعمل عقله أبدا وهو خير مثال للاية الكريمة التي تقول أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها , الكارثة أنه لا يتوقف عند الانكار فقط بل حتى لو قام بالتجربة بنفسه , اذا خرجت تجربته بنتائج تدعم كروية الارض يقوم بقدرة قادر بتحوير ولي عنق النتائج لتلائم هواه ومعتقده , ولذلك غالبا ما تجد تعليقات هؤلاء الناس غريبة جدا وكأنهم يعيشون داخل قوقعة خاصة بهم غير قادرين على الخروج منها , تتكلم عن الفضاء يقولك اكاذيب تتكلم عن القنبلة النووية يقولك اكذوبة تخيل الشعب الياباني كله مشارك في هذه لاكذوبة والمسرحية , تتحدث عن الديناصورات يقولك اكذوبة رغم أنها مثبتة بالدليل الحسي الذي هو بنفسه يستطيع التأكد منه يقولك لا العالم كله بالشعوب والعلماء اجتمعو واتفقو على ان الديناصورات مؤامرة , تقول له هناك الاف الاشخاص الذين سافروا لانتاركتيكا وصوروا فيديوهات من هناك وتستطيع أنت بنفسك الذهاب يقولك لا لا كذب وهراء ومؤامرة وكل من سافروا الى هناك يكذبون ومتفقين على نفس السركيبت
لا تكمن خطورة هذ الايديولوجيا في الفكرة بالحد ذاتها بل خطورتها تكمن في تبعاتها , تماما مثل تبعات الالحاد المطلق , لا يقف عند انكار وجود خالق للكون لا , بل تبعاته انه ينكر وجود الحب والرحمة والعاطفة ويعتبر كل ذلك مجرد كيمياء في الدم , ينفي وجود الحرية ويعتبر أن كل ما نفعله هو افعال قهرية مكتوبة في جيناتنا , وتبعات اخرى خطيرة تنزع كل معاني الحياة الانسانية

المؤمن بالرض المسطحة تجده انسان عصبي لاقصى الحدود ومستعد أن يكفر ويخرجك من الملة فقط لانك تؤمن بشكل الارض في حين أن الامر عقائديا غير مهم , فلن يسأل الله يوم القيامة هل الارض كرة ام لا هذا هو الطبيعي في حين المسطح يقولك لا , سيسألك وستخلد في نار جهنم ان امنت انها كروية ,
منذ دخول لعالم اليوتيوب سنة 2017 ونشري لأكثر من 700 حلقة , لم أنشر يوما فيديو او مقالة واحدة عن فرضية الارض المسطحة , ليس لانه لا دليل لدي بل لسخافة مناقشة شيء بديهي لم تثبتها لنا الناسا او سبيس اكس او امريكا بل هو شيء مثبت من الالف السنين من علماء مختلفي الديانات والجنسيات , وأحبوا كروية الارض بادوات بدائية قبل وجود اي تكنولوجيا مثل تجربة إراتوستينس العبقرية التي طبقها متى قبل الميلاد
فرضية الجدار الجليدي ألهمت عددًا لا يحصى من القصص والأساطير . مثل فكرة أن الجدار الجليدي محروس من قبل مجتمع سري أو قوة عسكرية غامضة . ووفقًا لهذه الأسطورة، فإن أي شخص يحاول عبور الجدار الجليدي إما يتم القبض عليه أو قتله واخفائه وراء الشمس .واذا سألتهم ما الذي يوجد وراء الجدار يقولك أن هناك حضارات مخفية ، تسكنها كائنات متقدمة أو حتى كائنات فضائية .

بالنسبة لي فرضية الجدار الجليدي هي مثال قوي على كيف يمكن أن يقتنع الناس بأفكار وهمية تتعارض مع العلم . درس علماء النفس ظاهرة الايمان بنظريات المؤامرة ووجدوا أنها غالبًا ما تكون مدفوعة برغبة في اليقين والتحكم . في عالم قد يبدو فوضويً ومليئ باحداث واشياء غير مفهومة ، تقدم نظريات المؤامرة شعورًا بنوع من المعنى والراحة العقلية بدون عناء البحث ومحاولة الفهم . وهي تماما كشخص خرج من منزله متوجها الى العمل فارتكب حادثا , عوض القول ان الامر قضاء وقدر او سببه الارهاق وعدم التركيز يلقي اللوم على اقرب مخرج وهي العين او الحسد .
مصادر 1 – مصدر 2 – مصدر 3 – مصدر 4 – مصدر 5 – مصدر 6 – مصدر 7 – مصدر 8