أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، تعتبر واحدة من الشخصيات الأكثر جدلاً وكرها في العالم العربي . من فتاة لطيفة نشأت في لندن لعائلة سورية مرموقة إلى جزارة بشرية والسيدة الأولى في دولة تعاني من الحرب والدمار ، تسلط قصة هذه المقالة الضوء على الدور الذي لعبته أسماء الأسد في الأزمة السورية، علاقتها ببشار الأسد، وتأثيرها في السياسات المحلية والدولية. في الوقت ذاته، طالت أسماء اتهامات بالتواطؤ في قتل السوريين خلال الحرب المستمرة، مما أثار تساؤلات حول دورها الحقيقي . كما أثيرت شائعات حول إصابتها بالسرطان . في هذا المقال، سنتعمق بالتفصيل قصة أسماء الأسد، من نشأتها إلى دورها في الحرب السورية ، بالإضافة إلى صحتها والتحديات التي واجهتها والمستقبل الذي ينتظرها بعد هروبها مع زوجها الى روسيا وطلبهم اللجوء الانساني هناك .
أسماء الأسد , من لندن إلى دمشق
وُلدت أسماء فواز الأخرس في 11 أغسطس 1975 في العاصمة البريطانية لندن لعائلة سورية ذات جذور من مدينة حمص. كان والدها فواز الأخرس طبيب قلب مرموقاً، ووالدتها سحر العطري تعمل في السفارة السورية في لندن. نشأت أسماء في بيئة مترفة تلقت فيها تعليمها في أفضل المدارس البريطانية.
أظهرت أسماء تفوقاً أكاديمياً منذ صغرها، حيث درست علوم الكمبيوتر في جامعة كينغز كوليدج بلندن. بعد التخرج، عملت في مجال المصارف الاستثمارية، بما في ذلك عملها لدى بنك “جي بي مورغان”، مما ساعدها على اكتساب خبرات في عالم المال والأعمال. هذه الخلفية جعلتها تبدو كشخصية واعدة تجمع بين الجمال والثقافة والقدرة على التأثير.
الزواج من بشار الأسد
تعرفت أسماء الأسد على بشار في أواخر التسعينيات، وتزوجت منه في عام 2000، نفس العام الذي تسلم فيه بشار رئاسة سوريا بعد وفاة والده حافظ الأسد. شكل هذا الزواج نقطة تحول كبيرة في حياة أسماء، حيث انتقلت من الحياة الحديثة في لندن إلى بيئة سياسية معقدة في دمشق.
باعتبارها السيدة الأولى، حاولت أسماء أن تقدم صورة حديثة وعصرية للنظام السوري. ركزت على قضايا مثل التعليم، وتمكين المرأة، ودعم المشروعات الصغيرة. وظهرت في العديد من المناسبات الدولية كشخصية “مصلحة”، مما ساعد على تحسين صورة النظام السوري في الغرب لفترة قصيرة.
شريكة في سفك الدماء السورية
مع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، تعرضت أسماء الأسد لانتقادات شديدة بسبب دعمها العلني لزوجها الدموي ونظامه القمعي ، الذي ارتكب فضائع بحق الانسانية وبحق شعبه . ظهرت أسماء الأسد كرمز للتحدي، حيث استمرت في دعم سياسات النظام الوحشية ، مما أثار تساؤلات حول مدى تورطها الحقيقي في القرارات التي قادت إلى مقتل وتشريد ملايين السوريين .
رغم أنها لم تظهر كثيراً في الخطابات السياسية أو القرارات العسكرية، إلا أن ظهورها المستمر في المناسبات الرسمية والزيارات للجرحى وأسر القتلى من قوات النظام كان له دور في تلميع صورة النظام داخلياً. كما أُطلق عليها لقب “سيدة الياسمين”، في محاولة لإبرازها كشخصية إنسانية، على الرغم من التناقض الواضح مع الواقع الميداني.
الدعاية الإعلامية بين التمجيد والنقد
ساهم الإعلام الرسمي السوري في بناء صورة مثالية لأسماء الأسد، حيث ركزت التغطيات الإعلامية على نشاطاتها الخيرية وزياراتها للمستشفيات والمدارس حتى تبنى صورة لطيفة عن شخص يستمتع وهو يرى شعبه يقصف بالبراميل المتفجرة . ومع ذلك، كانت هناك انتقادات دولية واسعة لدورها في دعم النظام .
في عام 2012، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على أسماء الأسد، بما في ذلك تجميد أصولها ومنعها من السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي، باستثناء المملكة المتحدة حيث تحمل الجنسية البريطانية. كانت هذه العقوبات إشارة واضحة إلى أنها ليست مجرد زوجة زعيم، بل شخص مؤثر في القرارات التي ساهمت في تفاقم الأزمة السورية.
إصابتها بالسرطان: حقيقة أم جزء من الدعاية؟
في عام 2018، أعلنت الرئاسة السورية أن أسماء الأسد قد شُخّصت بسرطان الثدي، ونُشرت صور لها أثناء تلقي العلاج. هذا الإعلان أثار ردود فعل متباينة. فمن جهة، أظهرها الإعلام الرسمي كشخصية قوية تتحدى المرض وتواصل العمل، ومن جهة أخرى، رأى البعض أن هذه الخطوة كانت جزءاً من حملة دعائية تهدف إلى كسب تعاطف الجمهور.
لا توجد معلومات مؤكدة عن حالتها الصحية الحالية، لكن ظهورها المتكرر في المناسبات العامة يشير إلى أنها قد تجاوزت مرحلة الخطر. رغم ذلك، يبقى التساؤل قائماً: هل كانت الإصابة حقيقية أم استُغلت لتلميع صورتها وصورة النظام في وقت كانت فيه سوريا تعاني من أزمة إنسانية خانقة؟
علاقة أسماء الأسد مع بشار سياسية أم عائلية؟
يبدو أن علاقة أسماء وبشار الأسد تتجاوز الزواج التقليدي إلى شراكة سياسية حقيقية. وفقاً لتقارير عديدة، يُقال إن أسماء تلعب دوراً استشارياً مهماً في قرارات النظام، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والإعلامية. كما أنها تُعتبر واجهة النظام في التواصل مع الجمهور داخل سوريا وخارجها.
تظهر أسماء في الكثير من الأحيان كداعم قوي لبشار، مما يجعلها شريكاً في سياسات النظام. ورغم محاولاتها لتقديم صورة “الزوجة المحبة”، إلا أن دورها السياسي يجعلها هدفاً للانتقادات، خاصة من قبل المعارضة السورية التي ترى فيها شريكة في الجرائم التي ارتُكبت ضد الشعب السوري.
تظل أسماء الأسد شخصية مكروهة ومثيرة للجدل ، تجمع بين الأدوار المتناقضة للسيدة الأولى التي تدّعي العمل الإنساني والشخصية السياسية المشاركة في قمع الشعب السوري وسفط دمائه على مدى أكثر من 15 سنة . سواء أكانت ضحية لظروفها كما يدعي البعض أم شريكة كاملة في سياسات النظام الدموية ، فـ أسماء الأسد سيخلد التاريخ اسمها كجزء من عملية كاملة وممنهجة لتدمير سوريا من خلال عبارة ” الأسد أو نحرق البلد” .
مع سيطرة الثوار بشكل سريع ومفاجئ على العاصمة دمشق وانهيار النظام السوري، كان مصير الرئيس بشار الأسد وزجته أسماء الأسد بين أيدي روسيا التي كان ينتظر أن تتدخل بأي طريقة لإنقاذه من حبل المشنقة .
تقول وكالة “بلومبرغ” إن روسيا أقنعت الأسد بأنه سيخسر المعركة وعرضت عليه وعلى زوجته أسماء الأسد وعائلته ممرا آمنا إذا غادر على الفور.
تم تنظيم عملية الهروب من قبل عملاء المخابرات الروسية ، حيث نقلوا بشار الأسد وزوجته أسماء الاسد بطائرة خاصة وبشكل سري عبر قاعدتها الجوية في سوريا . في حين قاموا بايقاف جهاز الإرسال والاستقبال في الطائرة لتجنب تعقبه.
وفي غضون ساعات من هروب بشار الأسد من سوريا ، دخلت المعارضة الى العاصمة دمشق دون مواجهة وأعلنوا سقوط نظام بشار الأسد الدموي . وبعدها بأيام قليلة ، تم تأخيد الخبر وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أن بشار الأسد وعائلته هم بضيافة روسيا ، في أول تأكيد حكومي روسي لذلك .
يبقى السؤال الأكبر: هل ستتم محاسبة بشار وأسماء الأسد يومًا ما أمام المحاكم الدولية على دورهم الكامل في المأساة السورية الى جانب زوجها بطل فيلم الرعب السوري ؟ الإجابة على هذا السؤال تتطلب وقتاً وتطورات سياسية قد تغير مسار الأحداث . ومن له القول الفصل في هذه المسألة يبق هوا لشعب السوري ومدى اصراره في تحقيقي العدالة ولو بعد حين .
مقالة مختارة : سجن صيدنايا في سوريا , أقذر سجن في العالم